لبنان

لبنان: بين التهدئة الداخلية والضغوطات الخارجية

الياس المر – كاتب ومحلل سياسي
قد يتعجب من يراقب الساحة الداخلية, من الهدوء السياسي الذي تشهده البلاد, وينعكس على الحكم والحكومة, وكأن وحيا ما نزل على الفرقاء وسحب فتيل الخلافات والتشنجات التي اعتاد عليها اللبناني منذ زمن ليس بقريب.
اذا تعمقنا بهذا الهدوء وما قد يكون من خلفه نجد له سببين, الأول داخلي والثاني خارجي.
السبب الداخلي يقوم على التسوية التي أوصلت الرئيس عون الى قصر بعبدا, مرشح حزب الله الأساسي, الذي انضم اليه القوات اللبنانية ومن ثم الرئيس الحريري.
خرجت القوات أو أخرجت منها, ولهذا عدة أسباب, نذكر أهمها, وهو السباق الماروني على رئاسة الجمهورية, من ضمن استراتيجية لرئيس التيار الوطني, بأن لا تعود القوات شريك منافس في العهد, وتحصل على مزيد من النفوذ والقوة الشعبية والسياسية.
بقيت واستمرت مع الشريك “الأذاري” الأقوى على الساحة “الأذارية”, الرئيس الحريري على قاعدة “لنحكم معا بهدوء”, وهي تتأكد يوم بعد يوم وتشمل كل الملفات, وهذا بالنسبة للعهد كافي, أضف اليه الشريك الاستراتيجي الآخر وهو حزب الله, بالرغم من بعض الاختلافات التي لم ترقي الى مستوى الخلاف مع المرشح الأبرز, ودينمو العهد, الوزير باسيل, ويبقى الرئيس العماد ضامن وحاضن لهذا المسار, ولهذه العلاقة.
لا شك أن الجميع يستفيد من أداء حزب الله الذي يخدم الاستقرار الداخلي بحيث أنه طالما كان هذا الاستقرار هدفا داخليا للحزب وهما عمل بجهد للحفاظ عليه بالرغم من كل الاجحاف الداخلي وبالرغم من الحرب الخارجية التي يتعرض لها وليست العقوبات آخرها.
السبب الثاني للهدوء السياسي خارجي, وهنا تكمن القطبة المخية,
يرى بعض المراقبين والمنظرين لدى فريق “الغرب”, أنهم بغير حاجة لتصعيد داخلي يعكر صفو الحكم, ويعطل عليهم تقاسم السلطة بهدوء, ويرى هذا الفريق أهمية استمرار العلاقة مع العهد, والشراكة, دون الدخول في سجالات وخلافات سياسية داخلية لا مع المقاومة ولا مع حلفائها, على قاعدة أن الخارج يقوم بهذا الدور, ونحن نكتفي بالتفرج عن بعد, وفي ذلك بعض الخبث السياسي وبعض التقية الظاهرية التي تخفي من خلفها نوايا ليست بجيدة, والدليل على ذلك, أنه بالرغم من الحملة الترمبية المجنونة على حزب الله, يكتفي بعض الغربيين في لبنان بالسكوت والاستفادة من السلطة دون تسجيل حتى موقف وطني واضح وصريح من كل التدخلات الخارجية بالرغم من ادعائهم الحرص على الاستقلالية والسيادة والنئي بالنفس, فلا نرى نأيا بالنفس الا عن القضايا التي تشكل خطرا أو ظلما يلحق بالمقاومة التي حمت لبنان وحصنته من العدو الاسرائيلي ووقف حصن منيعا بموج العدو التكفيري الذي تربص شرا بلبنان, ونأيا بالنفس عن القضايا التي تستهدف المنطقة وشعوبها.
أهاكذا نرد الجميل لحزب الله الذي وقف الموقف الوطني القوي الصريح مع رئيس الجمهورية في أزمة احتجاز رئيس الحكومة في السعودية, لمن يذكر لم يقف حزب الله موقف المتفرج, ولم ينأ بنفسه, ولم يكن محايدا بوجه المؤامرة التي تعرض لها لبنان من خلال رئيس حكومته, بل قال لا للفتنة لا للاملاء الخارجي, نعم لعودة الرئيس الحريري الى لبنان وبعدها لكل حادث حديث.
على الجميع أن يستفيق من زهوة الحكم والسلطة وأن يأخذ الموقف الوطني الواجب بوجه الغرب الذي يتربص بنا الشر, من خلال العقوبات على لبنان وليس على حزب الله فقط, فكلنا في مركب واحد وما يصيب أحدنا يصيبنا جميعا, ألسنا جميعنا لبنانيين؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى