روسياسورية

المستشار الروسي رامي الشاعر حوار مع مجموعة من المثقفين السوريين

رامي الشاعر

?حوار مع المستشار الروسي الاستاذ رامي الشاعر مع مجموعة من المثقفين السوريين !


? الأعلامي م/ أيمن عبد النور السيد رامي : ما السبب برأيك في تأجيل انعقاد القمة العربية من آذار المقبل حتى الصيف؟ وهل السبب بالفعل هو الخلاف على مشاركة سوريا، وعودتها إلى مقعدها الدائم بالجامعة العربية؟
خلال لقاء الرئيسين الروسي والإيراني، هل كان الملف السوري من بين الملفات الأولى المطروحة للنقاش؟ وما هي النتائج التي توصلا إليها؟ وهل سنرى انسحاباً إيرانياً قريباً من سوريا، أو ربما لنقل انحساراً للدور الإيراني في سوريا قريباً؟

من الواضح أن الجزائر تسعى لأن يكون مؤتمر القمة لجامعة الدول العربية تاريخياً متميّزاً، يعيد أجواء التضامن العربي، وينهي عقوداً من الخلافات العربية، ويضع إستراتيجية موحدة لحل الأزمات التي تمر بها بعض البلدان العربية. بما في ذلك إنهاء تجميد عضوية سوريا في الجامعة، ودعوة الرئيس السوري، بشار الأسد، لحضور أجتماع القمة، كأولوية للقمة المرتقبة التي تريد الجزائر أن يكون الحضور فيها مكتملاً.

لقد تمكنت الجزائر من الحصول على موافقة مبدئية من 21 دولة، ولم تتجاوب مع مساعي الجزائر دولة واحدة فقط. وكانت من بين أهم أسباب التأجيل بالفعل قضية مشاركة الرئيس السوري في القمة، حيث كانت الموافقات المبدئية لبعض الدول العربية مشروطة ببعض الخطوات، التي ترغب هذه الدول أن يتخذها الرئيس بشار الأسد، قبل حضوره إلى الجزائر، ومنها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإبداء نوايا جدية للحوار مع المعارضة، ومشاركتهم في بناء مستقبل الحياة السياسية في سوريا، وفقاً لما نص عليه قرار مجلس الامن رقم 2254، وغالبية هذه الدول، التي أشترطت تلبية هذه الخطوات، أعربت عن أستعدادها للأكتفاء بإبداء سوريا لحسن النوايا، وتأكيدها على التجاوب مع رغباتهم والعمل سوياً على تجاوز الأزمة السورية.

بإمكاننا القول إن الجزائر قد نجحت إلى حد بعيد فيما يخص تقريب وتوحيد وجهات النظر العربية بشأن التعامل مع الملف السوري، والعلاقة مع الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد، ولكنها لم تثق بنسبة 100% في قدرتها على النجاح فيما تبقى، لذا فضلت التأجيل على أمل أن تتمكن من إنجاز تلك المهمة بثقة أكبر، إلى جانب العمل، بطبيعة الحال، على ملفات القضايا العربية الأخرى، التي تحتاج إلى معالجات قبل أنعقاد القمة.

بالطبع، كان للملف السوري الأولوية القصوى بعد مناقشة العلاقات الثنائية الروسية الإيرانية، والملف النووي الإيراني، خاصة أن إيران عضو أساسي في مجموعة أستانا، ولها علاقات متميزة مع روسيا، بالإضافة إلى دورها الهام والمؤثر في الشرق الأوسط، إلا أن الملف السوري تم التعرض له في سياق الجهود التي تبذل في إطار اجتماعات أستانا وجنيف، والمهام التي يجب التوصل إليها لحل الأزمة السورية ومساعدة السوريين على تجاوز خلافاتهم بما في ذلك مساعدة الأمم المتحدة، وإنجاح مهام اجتماعات اللجنة الدستورية المصغرة، والتي ترافق أجتماعاتها دائماً وفود مرافقة من روسيا وتركيا وإيران.

أما فيما يخص مستقبل التواجد الإيراني في سوريا، والعلاقة بين سوريا وإيران، فتلك قضية تخص الإيرانيين والسوريين وحدهم، وهم من يحددون كيف وعلى أي مستوى يجب أن تكون علاقاتهم الثنائية، لذلك يجب أن تترك تلك القضية إلى ما بعد التوصل إلى توافق سوري سوري، ونظام جديد، وعلى أساس مبادئ دستورية جديدة تجتمع حولها جميع مكونات المجتمع السوري، وفي إطار هيكل حكم مناسب للجميع، ليقرر السوريون بعدها كيفية وحجم التواجد الإيراني أو التركي أو الروسي أو حتى الأمريكي على أراضيهم.


? الفنان الكبير/ جمال سليمان أستاذ رامي :
كما نعلم، ويعلم أي مراقب موضوعي، أن النظام يرفض تطبيق القرار الأممي 2254، وإستخدم كل ما لديه من أسلحة من أجل ذلك، بما في ذلك إحباط المقاربات الروسية المختلفة، وآخرها مسار الإصلاح الدستوري.

أستناداً إلى ذلك، كيف نفسّر مساعي روسيا الحثيثة على إعادة النظام إلى الجامعة العربية، وجمع الأموال له، ما يعني الأعتراف به، لا السياسي فحسب، وإنما الأخلاقي أيضاً بشرعيته وأنتصاره؟ ألم تكن زيارة المبعوث لافرينتيف إلى السعودية لهذا الغرض؟ هل ترى روسيا أن هذه المساعي ستساعد على تطبيق القرار 2254، أم أنها ستعزز مساعي النظام لوأد القرار، وبالتالي وأد أي انتقال سياسي في سوريا؟ وهل سنرى قريباً جدولاً زمنياً لما يمكن أن نقول إنه “وضع قطار الحل السياسي على المسار الصحيح ؟

لقد شارك كثير من الشخصيات السياسية المعارضة البارزة منذ البداية في جميع المبادرات والاجتهادات الروسية للتوصل إلى توافق ما بين السوريين. وأذكر منها، على وجه التحديد، لقاءات موسكو-1،
وموسكو-2، ومؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري السوري، ولا أبالغ إذا أعلنت أن كل ذلك رافقه ما لا يقل عن 2000 لقاء مع مختلف المكونات السورية للمعارضة والنظام في جنيف وموسكو ونيويورك وفيينا والقاهرة وتركيا والسعودية وقطر والإمارات وغيرها من الدول.

كان الهدف من كل هذه النشاطات الروسية هو تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السوريين. إلا أن هذه الجهود، ومع الأسف الشديد، لم تنجح.

كل ما نجحت روسيا في تحقيقه هو القضاء على التنظيمات الإرهابية، وإنقاذ الدولة السورية من الفناء، وساهم في هذه المهمة، إلى جانب روسيا، عدد من الدول والكيانات كالولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وإيران والجيش العربي السوري والجيش السوري الحر والأكراد.

لكن أحداً لا يستطيع إنكار أن الدور الأكبر في ذلك كان لروسيا. الآن يسود نظام التهدئة ووقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية، لكن هذا لا يعني أنه لاتوجد هناك أنتهاكات وخروقات لوقف إطلاق النار من حين لآخر.

يجب كذلك ألا يتناسى أحد أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 ينص على أن الحوار والحل في سوريا يجب أن يتم عن طريق توافق سوري سوري، يستند إلى محادثات ما بين الحكومة والمعارضة.
وقد أعترفت هيئة الأمم المتحدة في هذا السياق بأن النظام الحالي في دمشق هو الممثل الشرعي لمفهوم السيادة السورية، كما أعترفت الأمم المتحدة بالمعارض السوري، ووردت تسمية المنصات وغيرها في قرار مجلس الأمن.

بمعنى أن لدينا هنا نظام، يتكئ على جيش وأجهزة أمنية ومؤسسات دولة، ويحظى بدعم 4-5 ملايين سوري على أقل تقدير، روسيا تتعامل مع هذا الواقع الدقيق بشكل علني وصريح.

فالقضية ليست أعترافاً أخلاقياً، بل أعتراف واقعي بقوة وجهة معترف بها رسمياً، لا يمكن تجاوزها تحت أي ظرف من الظروف، مهما تم إتهامها بكل التهم، فهناك فرق ما بين التفكير النظري، والتعامل مع الواقع على الأرض.

وهناك فرق ما بين الرؤى والتصورات ومواقف التيارات والتنظيمات المعارضة ضد هذا النظام، وما بين العلاقات بين الدول وأحترام القوانين والأعراف الدولية تحت مظلة الأمم المتحدة، والتعامل مع الحكومة الشرعية التي تمثل هذه الدولة. لذلك فروسيا لا ترى أي خيار آخر لحل الأزمة السورية سوى من خلال التعامل مع النظام الحالي من طرف، ومع المعارضة السورية، بمنصاتها المختلفة، من طرف آخر.
في الوقت نفسه، فإن ذلك لا يعني، بأي حال من الأحوال، أن روسيا تدعم طرف على حساب طرف آخر. يكفي أن نذكر، في هذا الإطار، كيف رفضت روسيا بشكل قاطع محاولات ممثلي النظام في دمشق فرض بيان ختامي على مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري السوري، وصدر البيان الذي يعبّر عن آراء ورغبة الغالبية من الحضور في المؤتمر.

للأسف، فإن عدداً من شخصيات المعارضة تعجز عن إستيعاب دور روسيا في الحفاظ على الدولة السورية، التي تعود ملكيتها للسوريين، دون تمييز بين المعارضة والنظام، فهل يريد هؤلاء أن تتخلى روسيا عن دورها في وقف الأقتتال بين السوريين، والتخلي عن نظام التهدئة، وترك البلاد للدخول في نفق الحرب الأهلية المظلم؟ لقد أستمعت إلى آراء تقول “أتركونا، لنتصرف بمعرفتنا!” وأقول لهؤلاء: كيف ستتصرفون أمام جيش منظم تعداده حوالي 250 ألف فرد، من بينهم 100 ألف سيقاتلون حتى الموت، ولديهم مؤيدين من السوريين، ما بين 4-5 ملايين. ماذا تملكون أمام هؤلاء؟ يقولون: غالبية الشعب السوري. حسناً! ما قيمة غالبية الشعب السوري أمام قوة منظمة تستند إلى أجهزة ومؤسسات، تتمتع بالشرعية الدولية، وقادرة على التحكم في زمام الأمور في البلاد؟
إنها روح المسؤولية الرفيعة التي تتعامل بها روسيا مع الأزمة السورية، وتؤيد جميع السوريين للتوصل إلى توافق ينقذ بلادهم على أساس تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، وخارطة الطريق التي تم التوافق عليها في مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري السوري، 2018، وكنت قد أصدرت كتاباً كاملاً بعنوان “مؤتمر سوتشي 2018.. طريق السلام”، إلا أنه، وعلى الرغم من مأساة الشعب السوري، فالأمور لم تنضج بعد، حتى تتغير الأحوال بشكل جذري في سوريا.
و منذ بداية الأزمة السورية، تبذل موسكو قصارى جهدها على كافة المستويات والأصعدة لمساعدة سوريا على تجاوز هذه المأساة التي حلت بها، والتي كان من أولوياتها القضاء على التنظيمات الإرهابية، المصنفة دولياً كإرهابية، والتوصل إلى الوضع الذي يمكن معه فرض مناطق تهدئة ووقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية ، وأود الإشارة هنا إلى أن الأولوية الأولى التي تتصدر أولويات موسكو لا زالت الحفاظ على نظام التهدئة ووقف إطلاق النار في سوريا.

أما الأولوية الثانية، فهي إنقاذ الشعب السوري من الوضع اللاإنساني الذي يعيشه اليوم، والقيادة في موسكو تسعى من خلال المساعدات التي تقدمها إلى التخفيف قدر الإمكان من معاناة الشعب السوري، لكنها في الوقت نفسه تعي أنه لا يمكن المساهمة الفعلية في إنقاذ الشعب السوري دون مساعدات ضخمة تحتاجها سوريا على نحو فوري، كما تأمل موسكو كذلك في أن تساهم دول الخليج بتقديم الحصة الأكبر من هذه المساعدات، لتوفر هذه الإمكانيات لديهم. كما أن القضية لا تُعالج فقط بتقديم المساعدات الإنسانية الفورية، فسوريا بحاجة إلى ما لا يقل عن 300 مليار دولار، لتعافي الأقتصاد وإعادة بناء البنى التحتية المدمرة، وحل مشكلة اللاجئين، والمهجّرين، وتأمين ظروف عودتهم، وبناء مجمعات سكنية لإستيعابهم وتأمين فرص عمل لهم، بالإضافة إلى المدارس والمشافي وغيرها، روسيا تسعى كذلك لأستعادة أموال الحكومة السورية، التي جمدتها عدد من البلدان ومنها البلدان الغربية في هذه الظروف التي أصبح فيها الشعب السوري في أمس الحاجة لها، لتأمين الحدود الدنيا لمستلزمات الحياة.

لا شك أن من بين مهام زيارة الوفد الروسي إلى الرياض ثم دمشق الوساطة لإعادة العلاقات السعودية السورية إلى مسارها الصحيح، والمساهمة في جهود الجزائر لإستعادة التضامن العربي، وعقد مؤتمر القمة العربية، وإيجاد حلول وسط لقبول كافة الأطراف للشروط التي تتمسك بها. فروسيا تعي جيداً أن الوضع الحالي لا يجوز أن يطول أكثر من ذلك، وتدرك أن الأزمة الإنسانية تتفاقم كل يوم، ويجب أن تبدأ عملية الأنتقال السياسي السلمي، وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، وأن الدور الأساسي في ذلك يقع على عاتق السوريين، ولكن في نفس الوقت فإن إنقاذ الوضع الكارثي الذي حل بعامة الشعب السوري يقع على عاتق الجميع، والجدول الزمني لذلك كان من المفروض أن يبدأ بالأمس لا اليوم، وروسيا بذلت جهوداً كبيرة من أجل ذلك، إلا أنها لم تلق، مع شديد الأسف، أي تجاوب عربي أو دولي. الأمل معقود الآن على قمة الجامعة العربية.

بالمناسبة، كتبت إحدى الشخصيات البارزة للمعارضة السورية أن روسيا “تسيطر عسكرياً” على سوريا، وبإمكانها فرض الحل، إذا ما أرادت. بهذا الصدد أوضح ان روسيا لم ولا ولن تضع أبداً من بين أهدافها السيطرة عسكرياً على سوريا، بل إن روسيا تساعد سوريا في القضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية، وتساهم بشكل فعال في الحفاظ على نظام التهدئة ووقف إطلاق النار بالأتفاق والتنسيق مع كل من إيران وتركيا (مسار أستانا)، والقيادة السورية في دمشق، وتسعى روسيا جاهدة أن يتفاعل العرب والمجتمع الدولي للتوصل إلى أتفاق سوري سوري، يساهم في إنهاء الوضع غير الطبيعي في شمال شرق وغرب سوريا، والحفاظ على السيادة السورية ووحدة الأراضي، وهذا ما لا يستطيع أحد التوصل إليه بدون توافق سوري سوري، ومساهمة عربية فعالة.
أختتم إجابتي بأن بشار الأسد زائل، والشخصيات البارزة في المعارضة هي الأخرى زائلة، لكن البقاء للشعب السوري ولسوريا التي ستحتاج وقتاً طويلاً لتضميد الجراح، وعلاج الأمراض التي أصابت شعبها الأبي الحبيب، حتى تأتي أجيال جديدة، تنهض بسوريا المستقبل، وتعيد وتحفظ مكانتها التاريخية، تقديراً لأجيال سبقت وحررت سوريا من الأستعمار.


? د/ بسام إسحاق، رئيس المجلس السرياني السوري، السيد رامي : بحسب رؤيتي، خلال السنوات العشر الماضية، لعبت الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا دوراً مميزاً في تطوير نظام حكم محلي تعددي، يقوم على الأعتراف بالهويات القومية وحقوقها الثقافية والسياسية، ومشاركة حقيقة للمرأة في سياسة البلاد. كما راعى هذا النظام حرية العقيدة، ليقدم نموذجاً أفضل من نماذج أخرى، لبناء سوريا جديدة متحررة سياسياً واجتماعياً، وبالتالي متماسكة بمشاركة جميع مواطنيها.

لكن، لم يتم إشراك ممثلين عن هذه الإدارة في اللجنة الدستورية وأعمالها في جنيف، بل قامت روسيا بإجراء لقاءات ومباحثات منفصلة مع ممثلي هذه الإدارة، وسعت إلى اتفاق بينها وبين النظام في دمشق.

سؤالي: لماذا لا تدفع روسيا نحو إشراك ممثلي هذا النموذج في مباحثات جنيف بين المعارضة والنظام، وهل يمكن أن تكون له منصة كباقي المنصات؟ وهل فعلاً هناك توتر في العلاقات بين روسيا وتركيا، بسبب العلاقة بين تركيا والشمال الشرقي السوري وتواجد قسد؟ وهل بإمكان روسيا العمل على الدفع بترميم تلك العلاقة ومساعدتنا بذلك لما فيه خير السوريين؟
قبل الحديث عن أي دور للأكراد في تطوير أنظمة حكم محلية وغيرها في شمال شرق أو غرب سوريا، يتعيّن توضح أن المكونات الكردية، للأمانة، قامت بدور كبير في المساهمة في القضاء على التنظيمات الإرهابية في مناطق تواجدها، وقدمت في سبيل ذلك شهداءً من خيرة شبابها، من أجل تطهير سوريا من الإرهابيين، والحفاظ على السيادة السورية.

أما فيما يتعلق بالإدارة الذاتية، وما تسعى إليه “مسد”، فإن روسيا تؤكد دائماً أن كل هذه القضايا، التي تخص شكل مستقبل النظام في المناطق التي تتواجد فيها كثافة كردية، يجب أن تكون بالأتفاق مع القيادة في دمشق، ويجب تثبيت ذلك دستورياً، لهذا فقد سعت روسيا، وتسعى دائماً وتشجع على الحوار بين الأكراد والقيادة في دمشق. كما أن روسيا تجري لقاءات دائمة مع قيادات المكونات الكردية في جنيف وفي موسكو، وتؤكد دائماً على أهمية مشاركة الأكراد في اللقاءات والاجتماعات الخاصة بالتسوية السورية. ولأكون صريح هنا، فبالفعل يوجد خلاف بيننا وبين الشركاء الأتراك بخصوص رؤية مستقبل وضع الأكراد في شمال سوريا، ولكننا على ثقة تامة، بأن التوصل إلى أتفاقات وحلول ترضي جميع الأطراف ممكن ومتاح حال بدء عملية الأنتقال السياسي، والتوافق السوري السوري. وأعني هنا أتفاقات وحلول تحدد طبيعة وشكل الحقوق التي يتمتع بها الأكراد، دون أي انتقاص من هويتهم أو ثقافتهم أو عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم.


?د/ لينا مراد، رئيسة المجلس الطبي الموحد، الأخ رامي : لقد عملت مؤسساتنا نحن، كمجلس طبي موحّد، خلال سنوات الحرب، على دعم القطاع الصحي بأكثر من 200 مليون دولار سنوياً بشفافية تامة، علماً بأن ميزانية الصحة السورية لا تتجاوز 80 مليون دولار في أحسن أعوامها، مع فساد في كل تلك الإدارات. وحملت منظماتنا على عاتقها وظائف الدولة السورية، وكان عملنا بشكل أساسي في الشمال الغربي، وأصبح متقدم تقنياً عن مناطق النظام بعشر سنوات، واليوم بفضل الله، تم تخريج 200 طالب طب، بإمكانياتنا الذاتية.

سؤالي: بما أن هذا الملف ملف إنساني بحت، وقد ساهمت روسيا، من خلال مؤسساتها، بدعم ذلك القطاع في مناطق النظام، لماذا لا ننشئ معاً تكتل طبي موحّد، يؤمّن خيرة الخبرات حول العالم، ويقدّم الدعم، ويطوّر ذلك القطاع في كل سوريا؟! ولم لا تؤمن لنا روسيا الحماية لإعادة إعمار القطاع الصحي في مناطق النظام؟ بدلاً من التنافس وإهدار الطاقات والأموال في بعض المشاريع التي لا مستقبل لها؟ من طرفنا، نحن مستعدون لذلك، وحصلنا على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية، فهل أنتم مستعدون لمد يد العون لنا، صناعة وجه مشرق لروسيا الاتحادية في سوريا، وتضميد جراح الشعب السوري، وكل الشعوب العربية معاً، واستبدال القوة العسكرية بالقوة الناعمة؟ وكذلك فلقد أصبحت إحداثيات كل المشافي واضحة على الخارطة للجميع، فهل تستطيع روسيا الضغط على كل الأطراف لمنع استهداف تلك المشافي؟ وفرض تعويض سريع على المتسبب في تلك الأضرار؟
تتعامل روسيا في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة مع الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري، وهو الحكومة السورية ومقرها دمشق، بما في ذلك ما يخص المجالات الإنسانية كالصحة وغيرها. ولا تلجأ أبداً إلى تجاوز السلطات أو عمل المؤسسات الرسمية في البلاد، لأن ذلك شأن سيادي. لكن روسيا يمكنها أن تقوم بدور الوسيط بين مجلسكم الطبي وسلطات دمشق للتوصل إلى صيغة عمل مشتركة، والأستفادة من الإمكانيات والمساعدات التي ذكرتموها.

مع الأسف، يساورني الشك أن تتمكنوا من القيام بذلك لأن العقوبات المفروضة على سوريا، من قبل الإدارة الأمريكية، نفس الإدارة الأمريكية التي تلقيتم منها “الضوء الأخضر”، سوف تعيق قيامكم بذلك. فبإمكانكم بالفعل القيام بأنشطة إنسانية في شمال شرق، أو غرب سوريا، طالما كانت تلك المناطق خارجة عن سيطرة السلطات الرسمية السورية. أما فيما يخص إحداثيات المشافي والمراكز الصحية، وعدم تعرضها للقصف، فيرجى التخلص من هذا الأسلوب في إلقاء التهم بخصوص جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي تقوم بها بعض الأطراف، لتلفقها لأطراف أخرى. وأقترح التفكير والتركيز على المساهمة في التوصل إلى توافق سوري سوري، وطي صفحات وأساليب الماضي، التي لا تهدف سوى للإبقاء على أجواء التوتر والعداء بين السوريين.

بالمناسبة، لقد وصل التشاؤم ببعض السوريين أن تكتب مجموعة من المثقفين السوريين رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، يطالبونه بإعفاء ممثله الشخصي، غير بيدرسون، من منصبه استناداً إلى عدة أتهامات وجهوها إليه. فإذا كانت الأتهامات لمسؤولين في الأمم المتحدة قد وصلت إلى هذا الحد من الحقد والغل والكراهية، فما بالكم بالأحقاد بين السوريين وبعضهم البعض؟
إنها تلك الأجواء من الأتهامات والأتهامات المضادة التي يجب التخلص منها، وعدم ربط أي جهود وخاصة الجهود الإنسانية بخدمة حملات إعلامية تزيد الأحقاد.

وأخيراً وليس آخراً، فعن أي “ضوء أمريكي أخضر” تتحدثون، في الوقت الذي توجد فيه القوات الأمريكية بشكل غير شرعي على الأراضي السورية أولاً، وتمنع عقوباتها أي جهود لإنقاذ الشعب السوري الموجود بمناطق الحكومة الشرعية ثانياً، وكأن الشعب السوري في مناطق المعارضة، يستحق ما لا يستحقه، الشعب السوري في مناطق “النظام”. وثالثاً، أريد أن يعرف الجميع أن بضع مئات الملايين من الدولارات موجودة في بنوك غربية، لحساب الحكومة السورية، وتعجز حكومة دولة غربية محددة، عن أستخدام ما يقارب من 400 مليون دولار من أموال الحكومة السورية، بالأتفاق مع روسيا، لإرسال مساعدات للشعب السوري، بسبب العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية، التي تعطيكم “الضوء الأخضر” للتعاون معنا

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى