روسيا

العرب في العالم الجديد والتفكك التدريجي لـ “الناتو” قريباً

الكاتب والمحلل السياسي/ رامي الشاعر

أعتقد أن بإمكاننا القول الآن، وبكل ثقة، أن العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية الأمن القومي قد وضعت تاريخا جديدا انقسم فيه العالم إلى عالم ما قبل 24 فبراير 2022، وعالم ما بعده.
تقول الرواية الرسمية الروسية أن العملية تأتي استجابة لأهالي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، الذين عانوا الأمرين من الجيش الأوكراني، الذي خاض عمليتين عسكريتين ضدهما (في 2014 ثم في 2015)، ومن النازيين الجدد، والقوميين المتطرفين الأوكرانيين، الذين أوقعوا من هؤلاء ضحايا يفوق عددهم 13 ألف، على مدار 8 سنوات من القصف والمعارك والمناوشات العسكرية على اختلاف مستوياتها وتوغلها وشراستها. تأتي العملية كذلك، وفقا للرواية الرسمية، لنزع سلاح أوكرانيا، واجتثاث النازية، وضمان الوضع المحايد لأوكرانيا، وعدم انضمامها للنادي النووي العالمي.
لكن الأمر، وبعدما تطورت الأحداث على النحو الذي يتكشف أمام أعيننا ونراه جميعا، تخطّى أوكرانيا وأوروبا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية ليطال النظام العالمي، والذي تأسس بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، والذي تأكد عدم استقراره في الآونة الأخيرة، بعدما تحققت كلمات الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التي قالها منذ 15 عاما في مؤتمر ميونيخ للسلام (2007)، ولم تتعامل معها أوروبا، أو الولايات المتحدة الأمريكية بجدية.
لقد ظن الجميع، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية أن تفكك الإتحاد السوفيتي يعني انتصارها في الحرب الباردة. وظنوا، وربما لا يزالون، أن الإنهيار الإقتصادي والسياسي الذي مرت به روسيا، خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي لا زال قائما حتى يومنا هذا، وعليه نصّبت الولايات المتحدة نفسها القوة الوحيدة المهيمنة على العالم بأسره، وأصبح الدولار هو عماد الإقتصاد العالمي، وأصبحت واشنطن قبلة الشرق والغرب، حيث تتخذ جميع القرارات المصيرية بشأن جميع الدول، بما في ذلك قرارات الحرب والثورات والإنقلابات والشرعيات والسيادة والحدود وحتى تنصيب الرؤساء في أماكن مختلفة حول العالم ليكونوا قفازات طيعة تنفذ الأجندات الأمريكية والغربية ولا شيء سواها. بل إن تسريبات من داخل “البنتاغون” أثبتت لنا أن واشنطن تنفذ خطة واضحة المعالم على مدى السنوات الأخيرة للهجوم على روسيا، بعد تعزيزها لتمدد “الناتو” شرقاً، واستخدام الأراضي الأوكرانية لبناء أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في أوروبا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى