
وصل مايك بومبيو إلى سوتشي في أول زيارة له لروسيا بصفته وزير خارجية أميركا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين و وزير الخارجية سيرغي لافروف ومناقشة العديد من الملفات منها العلاقات الثنائية بين البلدين وانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، وكذلك الأوضاع في فنزويلا وأوكرانيا وسورية، وتمديد معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية
وفي مؤتمر صحفي مشترك في سوتشي الروسية يوم الثلاثاء، قال لافروف إنه أجرى محادثات “صريحة ومفيدة” مع بومبيو بشأن العلاقات الثنائية والوضع في فنزويلا، كما ناقشا “خطة العمل المشتركة بخصوص إيران”، في إشارة إلى الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى
ورأى لافروف أن مجموعة العمل الروسية الأميركية لمكافحة الإرهاب خطوة جيدة ولكنها غير كافية، وقال “نريد تجديد الحوار مع الجانب الأميركي بشأن قضايا نزع السلاح”.
واعتبر لافروف أن دعوات زعيم المعارضة خوان غوايدو للتدخل الأجنبي في فنزويلا لا علاقة لها بالديمقراطية.
وأضاف أن الكرملين سيرحب بأي طلب رسمي من واشنطن لعقد قمة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وذلك ردا على إعلان سابق لترامب بأنه يتوقع لقاء بوتين في أوساكا.
وفي ملف آخر، وصف وزير الخارجية الروسي الاتهامات بأن ترامب تواطأ مع موسكو في حملته الانتخابية بأنها “أوهام”.
من جهته، قال بومبيو إن محادثات اليوم خطوة جيدة صوب تحسين العلاقات بين البلدين، وأعرب عن أمله في تواصل الحوار بشأن فنزويلا وأن توقف موسكو دعمها للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو.
وحذر بومبيو الروس من التدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة العام المقبل، وقال إذا تدخلت روسيا “فسيؤدي ذلك إلى تدهور علاقاتنا بشكل أكبر”، داعيا روسيا إلى الإقرار بأن “مثل هذه الأعمال أصبحت شيئا من الماضي”.
ورأى بومبيو أنه ربما تحتاج أميركا وروسيا إلى إشراك الصين في قضية السيطرة على الأسلحة، وأكد أن بلاده ستستمر في الضغط على إيران.
وأضاف أن بلاده لا تسعى بشكل أساسي لشن حرب ضد إيران، ولكنها سترد بالشكل المناسب إذا تعرضت مصالحها لأي هجوم.
كما دعا وزير الخارجية الأميركي روسيا إلى التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده قائلا إن العقوبات على موسكو فيما يتعلق بأوكرانيا ستظل قائمة.
وأضاف أن المحادثات شملت أيضا قضايا الإرهاب وأفغانستان، وأنهما بحثا الوضع في محافظة إدلب السورية التي تتعرض لهجمات عنيفة من النظام وروسيا.
وعقب المؤتمر الصحفي كما استقبل الرئيس الدروسي فلاديمير بوتين وزير الخارجية الأميركي وأكد بوتين في مستهل اللقاء سعيه إلى تطبيع العلاقات مع واشنطن، معبرا عن أمله بأن تكون زيارة بومبيو مفيدة للعلاقات الثنائية.
وقال بوتين لبومبيو: “كما تعرفون تحدثت مع الرئيس الأمريكي عبر الهاتف قبل بضعة أيام، وتشكل لدي انطباع بأن الرئيس ترامب لديه نية لاستعادة العلاقات والروابط والاتصالات الروسية الأمريكية، وأن لديه نية لحل المسائل ذات الاهتمام المشترك معا”.
وأضاف الرئيس الروسي قائلا: “ونحن من جانبنا، عبرنا مرارا عن إرادتنا استعادة العلاقة بالحجم الكامل، وآمل ببلورة الشروط اللازمة لهذا الغرض الآن”.
ورأى الرئيس الروسي أن الوضع في العلاقات الروسية الأمريكية بدأ بالتغير، خاصة في مجالات “الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل وحل الأزمات الإقليمية ومكافحة الجريمة المنظمة ومواجهة المشاكل البيئية، ومكافحة الفقر في العالم والتهديدات العصرية الأخرى وفي بعض المسائل الاقتصادية”.
وأشار بوتين إلى أن التبادل التجاري بين البلدين، الذي عادة ما يظل في مستوى منخفض، شهد، خلال السنة الماضية، زيادة طفيفة تجاوزت نسبتها 5%.
وبخصوص التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأمريكية، قال بوتين إن تقرير المدعي الأمريكي الخاص، روبرت مولر، حول ما يسمى بـ “التدخل الروسي” في الانتخابات الأمريكية، “موضوعي ويؤكد عدم وجود أي تواطؤ بين روسيا والإدارة الأمريكية الحالية، وهو ما وصفناه منذ البداية بأنه هراء تام”.
وشدد مرة أخرى على أن تدخلا مزعوما كهذا “لم يكن على مستوى الدولة ولم يكن ممكنا أبدا”، معبرا عن أسفه لأن هذا الادعاء تسبب بتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة.
بدوره، أكد وزير الخارجية الأمريكي وجود مجال للتعاون المثمر بين بلاده وروسيا قائلا: “لدينا مصالح مشتركة ومسائل يمكننا أن نتعاون فيها ونعمل بصورة مثمرة، يمكننا أن نعمل معاً كي يعيش شعبانا برخاء أكثر ومن أجل ازدهار العالم كله، وقد طلب مني الرئيس ترامب أن أوصل هذه الرسالة خلال تواجدي هنا وأطرح بعض الأفكار والمشاريع”.
وأضاف بومبيو أنه يرى فرص التعاون بين البلدين في ملفات كوريا الشمالية وأفغانستان والحوار الاستراتيجي وغيرها “حتى يستفيد العالم بأسره من تعاوننا”.
كما كشف يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن المواضيع التي بحثها الرئيس مع وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو في مدينة سوتشي جنوب البلاد.
وذكر أوشاكوف، بعد حضوره المباحثات التي استمرت نحو ساعة ونصف الساعة، أن بوتين وبومبيو ركزا الاهتمام على القضايا الدولية بشكل أساسي، واصفاً النقاشات التي جرت بأنها كانت “جيدة” و”غنية المضمون”.
أوضح أوشاكوف أن بوتين أكد لبومبيو استعداد روسيا للعودة إلى الحوار حول كافة مسائل الاستقرار الاستراتيجي، ومناقشة موضوع الدفاع الصاروخي ومعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية الهجومية.
وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، أكد بوتين على ضرورة الحفاظ على سيادة ووحدة أراضي سوريا، وحسب قول أوشاكوف، فإن المناقشة حول هذا الموضوع كانت بناءة، مضيفً أن بوتين وبومبيو بحثا أهمية محاربة الإرهاب بشكل مشترك وإطلاق عمل اللجنة الدستورية.
أما الاتفاق النووي مع إيران، فقال أوشاكوف إن هذا الموضوع تمت مناقشته باختصار، وقام الجانب الروسي بالإفصاح عن موقفه بخصوصه.
وبشأن أفغانستان، قال بوتين لبومبيو إن التسوية تسير بصعوبة ويجب تحقيق التقدم فيها وتكثيف التعاون.
وتطرق بوتين وبومبيو إلى ملف كوريا الشمالية، حيث أكد الجانب الروسي اهتمامه بالتعامل مع جميع الأطراف. وأكد أن روسيا تنطلق من أن كوريا الشمالية لا ترضخ للضغوط وتحتاج إلى ضمانات دولية.
أما في الشأن الفنزويلي، أكد الجانب الروسي عدم جواز اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى حرب أهلية في البلاد، وأن على القوى المسؤولة في البلاد أن تباشر الحوار فيما بينها، مؤكداً أن كل المحاولات لإقصاء الرئيس الفنزويلي الحالي من خلال الضغط الخارجي، غير بناءة وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة.
وأشار أوشاكوف إلى أن الوضع في أوكرانيا لم يناقش خلال المباحثات على الإطلاق، ولم يناقش مصير الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، كما لم يسلم بوتين لبومبيو أي رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحث بوتين مع بومبيو إمكانية عقد لقاء بين بوتين ونظيره الأمريكي على هامش قمة العشرين في اليابان الشهر المقبل، وأكدت موسكو انفتاحها على مثل هذه الاتصالات كما أبلغ بومبيو الرئيس الروسي بأن ترامب مهتم بلقاء بوتين في أوساكا.
وخلص أوشاكوف إلى القول إن أي اختراق في العلاقات لا يلوح في الأفق بعد، لكن الجانب الأمريكي “أظهر موقفا عمليا” خلال المباحثات