ولد الشهيد خضر عدنان في بلدة عرّابة جنوب جنين
في الرابع والعشرين من مارس عام 1978م، من عائلة كريمة من عوائل الشعب الفلسطيني.
زرع فيه والده الشيخ المرحوم عدنان موسى، معاني الإيمان والإلتزام منذ نعومه أظفاره، وكان داعماً لنجله في كل محطات جهاده ومقاومته، وكان فارساً إلى جانب والده يكافح ويعمل في حسبة للخضار كباقي أبناء فلسطين.
سلك طريق العلم حتى أنهى الثانوية العامة عام 1996م، والتحق بجامعة بيرزيت في كلية العلوم لدراسة رياضيات إقتصادية، وحصل على شهادته الجامعية عام 2001م، نظراً لاعتقاله المتكرر, استمر في طلبه للعلم رغم حجم المعاناة والملاحقة، ولم يستطع إكمال الماجستير، وقام بإنشاء مخبز لإعالة أسرته في مسقط رأسه عرابة، وهو متزوج وأب لتسعة أبناء.
تتلمذ على يد المؤسسين الأوائل “لحركة الجهاد الإسلامي” في شمال الضفة المحتلة، واَمن بفكرها الجهادي.
تولى إمارة “الجماعة الإسلامية” الإطار الطلابي “لحركة الجهاد الإسلامي” حينئذ، وخاض انتخابات مجلس اتحاد الطلبة عام 1998م في جامعة بيرزيت، وبرز دوره ونشاطه خلال تنظيم احتجاج لموكب رئيس الوزراء الفرنسي السابق “ليونيل جوسبان”، أثناء زيارته الجامعة عام 2000م، بسبب إدانته لعمليات حزب الله، حيث اعتقلته أجهزة السلطة على خلفية هذه الحادثة في “مسلخ أريحا” لمدة أسبوعين، أمضاها مضرباً عن الطعام، وتعرض خلالها لأبشع أساليب التحقيق والتعذيب.
عمل الشيخ خضر عدنان ناطقاً إعلامياً باسم “حركة الجهاد الإسلامي” في الضفة الغربية لعدة سنوات، وتعرض للملاحقة والمطاردة المستمرة من قبل الإحتلال، والسلطة الفلسطينية، كما كان عضواً في لجنة القوى الوطنية والإسلامية في محافظة جنين، وعضواً في لجنة الحريات مندوباً عن “حركة الجهاد” في الضفة الغربية.
تأثر باستشهاد القائد المفكر نعمان طحاينة الذي اغتالته قوات الاحتلال في 13-7-2004م، فقام بقيادة موجة غضب مع الأسرى في سجن “مجدو” رداً على اغتيال القائد طحاينة، وخوض إضراب عن الطعام لمدة (28) يوماً مع أسرى سجن “مجدو”، ما دفع إدارة السجن لنقله لسجن “النقب” كإجراء تعسفي وعقابي، لكن إدارة سجن “النقب” رفضت استقباله بحجة أنه قاد استنفاراً سابقاً في السجن مما أدى إلى وضعه في العزل الإنفرادي في سجن “كفار يونا” لمدة 6 شهور.
كان قائداً مشهوداً له في الفعاليات الوطنية والجماهيرية، وقيادة مسيرات التضامن مع كل الأسرى في معاركهم من أجل الحرية، حيث شهدت له كلمات الدعم والإسناد وخطوات الإحتجاج والإعتصام على امتداد الضفة الغربية.
كان الرجل المساند والداعم الأول لعوائل الشهداء وإحياء ذكرى أبنائهم، والإشادة بدورهم ومسيرتهم وتضحياتهم، ودعمه وإسناده للأسرى داخل السجون واستقبال الأسرى المحررين والترحيب بهم رغم الملاحقة المستمرة له.
عرف بمواقفه الصلبة وعدم المداهنة مع الظلم والإحتلال، والوقوف بكل قوة وصمود في وجه جبروته خاصة مع إدارة سجون العدو، وكانت له علاقته المتميزة مع أبناء الشعب الفلسطيني وإخوانه المحررين والمجاهدين والدعوة للوحدة الوطنية ورص الصفوف دفاعاً عن الأرض والمقدسات.
مسيرة الإعتقال والإضراب عن الطعام:
اعتقلته قوات الإحتلال 14 مرة، وكانت المرة الأولى عام 1997 لمدة أسبوع، ثم اعتقلته في 11-3-1999م، حتى 8-7-1999م، لمدة 4 أشهر إدارياً.
وعقب انتفاضة الأقصى، اعتقل لمدة سنة في 29-11-2000م، حتى 5-11-2001م، ثم اعتقل سنة أخرى منذ 14-12-2002م، حتى 11-12-2003م، واعتقل سنة أخرى من 3-5-2004م، حتى 11-4-2005م خاض خلالها إضراباً مفتوحاً عن الطعام لمدة (28 يوماً)، بدأه جماعياً في سجن “مجدو”، ثم أكمله منفرداً في سجن “كفاريونا” حتى رضخت إدارة السجن لمطالبه. ثم اعتقل لمدة سنة ونصف من 4-8-2005م، حتى 6-11-2006م، ثم اعتقل إدارياً 6 أشهر من 12-3-2008م، حتى 6-9-2008م.
اعتقل في 17-12-2011م، حتى 17-4-2012م، لمدة أربعة أشهر إدارياً، فجر خلالها معركة الإضراب عن الطعام التي استمرت 66 يوماً، ونال حريته التي اعتبرت انتصاراً معجزاً للأسرى، ولقب بـ”مفجر معركة الأمعاء الخاوية”، حيث بدأ بمواجهة الإعتقال الإداري بالإضراب المفتوح عن الطعام, ولحق به العشرات من الأسرى الإداريين الذين حققوا انتصارات ونالوا حريتهم مقتفين أثر الشيخ الشهيد خضر عدنان, كما خاض معركة الإضراب خارج السجن في فبراير 2013م، لمدة 12 يوماً في مقر الصليب الأحمر برام الله تضامناً مع الأسرى المضربين.
اعتقلته قوات الاحتلال في 8-7-2014م، حتى 12-7-2015م، حيث تعرض للإعتقال الإداري وخاض مجدداً معركة الإضراب عن الطعام لمدة 55 يوماً حتى وقف الإعتقال الإداري ونيل حريته. ثم اعتقل في 11-12-2017م، حتى 13-11-2018م، لمدة سنة إدارياً، وخاض إضراباً استمر 59 يوماً. كما اعتقلته قوات الإحتلال في 29-5-2021م، حتى 26-6-2021م، وخاض خلالها إضراباً استمر 25 يوماً.
اعتقل لدى السلطة الفلسطينية عقب استشهاد الأخوين عادل وعماد عوض الله عام 1998م، ثم اعتقلته أجهزة أمن السلطة بتهمة التحريض على رشق رئيس الوزراء الفرنسي لدى زيارته جامعة بيرزيت في 26-2-2000م.كما اعتقلته أجهزة أمن السلطة في 16-12-2008م، عقب المشاركة في تشييع جثمان الشهيد جهاد نواهضة، ثم اعتقلته في أكتوبر 2010م، لمدة 12 يوماً أمضاها مضرباً عن الطعام، كما تعرض للإحتجاز لعدة ساعات في 27-11-2013م.
شهيد الحرية والكرامة:
في 5-2-2023م، أقدمت قوات الإحتلال على اقتحام وتخريب منزل القيادي الشيخ خضر عدنان في بلدة عرابة قبل أن تقوم باعتقاله واقتياده إلى جهة مجهولة، حيث أعلن إضرابه عن الطعام لحظة اعتقاله.
واصل إضرابه عن الطعام لليوم الـ86 والإمتناع عن تناول المدعمات أو الخضوع للفحوصات الطبية، رغم تردي وضعه الصحي رفضاً للإعتقال التعسفي بحقه، حيث كان يطالب بحريته التي تمثل حرية شعب بأكمله، حتى أعلنت إدارة سجون الإحتلال عن ارتقائه شهيداً مقبلاً غير مدبر، فجر الثلاثاء 2-5-2023م في إحدى زنازين سجن الرملة الصهيوني في جريمة اغتيال صهيونية جبانة.
لقد ترجل هذا الفارس العنيد، وصعدت روحه الطاهرة إلى جنات النعيم بعد رحلة طويلة من الجهاد والمقاومة على طريق تحرير فلسطين ليختم حياته بشهادة مشرفة سيخلدها التاريخ للأجيال القادمة.