شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي
خلال مشاركته في جلسة نقاشية متخصصة ضمن المؤتمر الدولي بعنوان “القانون الدولي تحت الهجوم؛ العدوان والدفاع”، على أنّ للمفاوضات والدبلوماسية قواعدَ واضحة لا يمكن تجاوزها، مؤكّداً أنّ الدبلوماسية ما زالت الطريق الوحيد والنهائي لتسوية الخلافات، شرط الالتزام بمعاييرها وضوابطها ومبادئها.
وفي مستهل مداخلته، اعتبر عراقتشي أنّ الهجوم الصهيو-أميركي الأخير على إيران لم يكن فقط حرباً عسكرية، بل شكّل أيضاً أول صاروخ موجَّه نحو طاولة المفاوضات.
ورأى أنّ هذه الحرب أثبتت في الوقت نفسه ألا بديل عن الدبلوماسية، قائلاً: “الخطوة الأولى في التفاوض هي الاعتراف بأنّ التفاوض ليس إملاءً ولا إكراهاً، ولا يمكن لطرف أن يحصل عبر المفاوضات على ما عجز عن تحقيقه في الحرب”.
وأوضح أنّ الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لم يحققا أيّاً من أهدافهما المعلنة من الحرب، وعلى رأسها إنهاء البرنامج النووي الإيراني. وأضاف: “قد تُدمَّر المنشآت، لكن تكنولوجيا التخصيب لا تُدمَّر بالقصف، وإرادة الشعوب لا تُهزم”.
وأشار إلى أنّ الدمار الذي لحق ببعض المنشآت النووية لم يمنع استمرار التكنولوجيا، بل جعل إرادة الشعب الإيراني “أقوى من ذي قبل”، وهو ما يفسّر الدعوات الجديدة إلى العودة للمفاوضات بعد الفشل العسكري.
ولفت عراقتشي إلى أنّ الجمهورية الإسلامية لم تغادر طاولة المفاوضات يوماً، في ما كان الطرف الأميركي هو من “خان” الاتفاق النووي عام 2015 رغم امتثال إيران الكامل لتعهداتها. وقال: “وقّعنا الاتفاق بحسن نية ونفذناه بحسن نية، لكن واشنطن انسحبت بلا سبب. وهذه المرة أيضاً جاءت الخيانة بشكل أسوأ عبر شنّ حرب مباشرة على إيران”.
وفي توصيفه للمشهد ما بعد الحرب، أكّد عراقتشي أنّ إيران تجاوزت حرباً”شديدة وقاسية” بنجاح كبير، وأنّ الأهداف التي وضعتها الدول المشاركة في العدوان لم تتحقق.
وكشف أنّ بعض الدول شاركت في دعم الهجمات على إيران، مضيفاً: “في الأيام الأولى طالبونا بالاستسلام دون شروط، لكن في اليوم الثاني عشر كتبوا يطلبون وقفاً فورياً لإطلاق النار دون شروط لأنهم فشلوا تماماً”.
وأوضح أنّ الدفاع الإيراني تحوّل سريعاً إلى قوة متصاعدة، وأنّ الصواريخ الإيرانية في الأيام الأخيرة من الحرب “عملت بقوة ودقة مذهلتين”، وهو ما دفع الكيان الصهيوني لطلب وقف إطلاق النار.
وتابع: “اليوم، بعد أشهر من حرب الـ12 يوماً، نحن أقوى دفاعياً وتقنياً مما كنا عليه قبلها. رممنا قدراتنا بالكامل، وتعلمنا الكثير عن نقاط ضعفنا ونقاط ضعف العدو”.
وأشار عراقتشي إلى أنّ الاعتقاد الأميركي-“الإسرائيلي” بأنّ إيران غير مستعدة كان خطأً فادحاً، مضيفاً أنّ تكرار الحرب لن يؤدي إلا إلى نتائج أسوأ لمن يشنّها.
كما شدّد على أنّ العقوبات، رغم كلفتها، عجزت عن كسر إرادة إيران أو وقف مسارها في التقدم، وقال “نخوض معركة العقوبات منذ أكثر من 40 عاماً ورغم الصعوبات لم تُقيّد قدراتنا”.
وتوقف عراقتشي عند الوضع الإيراني الداخلي، مؤكداً أنّ زوار إيران يبدون انبهارهم بقدرتها على التقدّم رغم العقوبات الطويلة. وقال إنّ “الحكومة تعمل لمعالجة التحديات الاقتصادية، لكن البلاد ما زالت قادرة على التقدّم”.
وأضاف: “على الولايات المتحدة أن تدرك أنّ طريقاً واحداً فقط يؤدي إلى نتيجة مع إيران: الدبلوماسية المبنيّة على الاحترام والكرامة. حين تحدّثوا معنا باحترام، عام 2015، كانت النتيجة اتفاقاً ناجحاً”. وحذّر من أنّ مخاطبة إيران بغير لغة الاحترام ستقود إلى ردّ من طبيعة مماثلة، “وهو ما شاهدوه خلال حرب الـ12 يوماً”.
#مرايا_الدولية



