عايش الإمام الخميني من اللحظة الاولى حتى إرتحاله… كان الصديق والرفيق على طول الدرب… أحد أبرز مؤسسي الحرس الثوري… الجنرال «محسن رفيق دوست» قائد الحرس الثوري السابق في حديث خاص لمجلة مرايا الدولية حول تفاصيل خاصة بالإمام الخميني وتشكيلات الحرس الثوري.
کيف تم لقاؤكم الاول بالإمام الخميني؟
قبل حوالي 56 سنة وبعد وفاة أية الله بروجردي الذي كانت له المرجعیة الدینیة آنذاك قمنا بالبحث عن مرجع ديني حتی عرفوا لنا الإمام (الخمیني). فسافرت إلی قم وهو لم یکتب رسالته الدينية بعد. أنا نزلت قم أربع أو خمس مرات واستطعت الذهاب إلی منزله مرة واحدة فقط، رأیت الإمام عام ( 1340 ش- 1961م) عند صلاتي الظهر والعصر. کان الإمام یدعو المؤمنین حين یزوروه کلما یسافرون إلی قم.
حضر عدد من تجار طهران عند الإمام بشکل جماعي. کان لي أول اجتماع خاص مع الإمام بعد تشکیل حزب المؤتلفة الإسلامية الذي قام الإمام بإنشائه وأنا کنت ضمن أعضائه. قمت أنا والمرحوم الشهید عراقي وأحد إخواننا من أعضاء الحزب والذي لایزال حياً والحاج أبوالفضل توکلي بزيارة الإمام. نحن الثلاثة ذهبنا عند الإمام واستطیع أن أعتبر ذلك أول اجتماع خاص لي مع الإمام. عندما رأیته تخدّرت رکبي وما استطعت أن أتحرك من الباب حتی مکان الإمام فمشیت علی رکبي وقبّلت رکب الإمام وهو لمس رکبي حتی عاد الشعور إلی جسمي. بعد ذلك کنت أزور الإمام دائماً حتی نفي. بعدما عاد إلى إیران کنت في خدمته حتی وفاته.
کيف کان استقبال الجماهير من الإمام الخميني؟ ما هي أکثر ميزة کانت موجودة عند الإمام الخميني جعلت هذا الشعب الکريم یزحف إلی لقائه بعد سنوات طويلة؟
کان الإمام یهتم بالجمهور من بدایة نهضته ولما قام بمحاربة الشاه دعا الناس إلی حضوره وزیارته. بعدما سجن وبعد اطلاق سراحه والکلمة التي ألقاها ضد الحصانة القضائية، تقرر نفیه في شهر نوفمبر عام 1343 ش- 1961م. سأل الشرطي الذي کان یحرسه «بأیة قوة أو جیش ترید محاربة الشاه؟» أجاب: جماهیري یلعبون في الشوارع حالیاً. کان للإمام تفکیر أساسي وهو یتشکل من الأیدیولوجیة والجمهور والقیادة. ولأن الله کان الأهم عنده، کان الإمام یعلم أنه لا یمکن تحقیق هذه النهضة الإلهية من دون الناس لذلک کان یتكئ علی الناس. بعد مجزرة المدرسة الفیضیة في 25 شوال أي 2 شهر فروردین عام 1342 ش- 1963 م وبعد اقتحامها واستشهاد الطلاب بید قوات الشاه، کان بإمکان الإمام أن یدفع مالاً لأحد أغنیاء طهران ویطلب منه إعادة بناء المدرسة الفیضیة ولکنه طلب من الناس أن یدفع کل واحد منهم تومانا (العملة في إيران) لإعادة بنائها وفتح حساباً مصرفياً لدى بنک صادرات وبعد ثلاثة أیام أغلق نظام الشاه الحساب لأنه کانت هناک طوابیر طویلة أمام بنک صادرات وکان الناس یدفعون أکثر من تومان. تمكّن الإمام من القيام بأي عمل متكئاً علی الجمهور كله. لما رأی الناس قیام الإمام من أجلهم رافقوه حتی انتصرت الثورة.
السيد رفيق دوست، أنتم من مؤسسي الحرکة الثورية في إيران. نود أن نعرف کيف بدأ هذا التشکيل ولماذا بدأت تأسيس الحرس الثوري وليس الجيش الإيراني؟
نحن كالثوريين، کان لابدّ لنا أن نحارب الجیش التابع للنظام الفاسد. حیث کان کل هیکلیة الجیش في خدمة الشاه. شاهدت أنا المرحوم الشهید آیة الله بهشتي، والجنرال مقدم الرئیس الأخیر لسافاک (منظمة المخابرات والأمن القومي). إنه جاء إلی منزل آیة الله بهشتي لزیارته وسأله: «بأیة قوات ترید محاربة الشاه؟».. فأجاب الإمام: أنتم بأیة قوات تریدون المحاربة؟ وقد أعرب عقداؤکم عن إخلاصهم وولائهم لنا.
مع کل هذا، أول من أطلق الشرارة الأولى لتشكيل قوة غیر الجیش هو المرحوم محمد منتظري. لأنه قبل مجئ الإمام وانتصار الثورة قال إن الثورة الإسلامیة لیست کالنهضات الأخری في مصر ولیبیا والجزائر و… إنها ثورة أیدیولوجیة وبحاجة إلی حرس للحفاظ علیها واقترح تشکیل حرس الثورة وکانت هناک مناقشات حول هذا التفکیر. بعد عدة أیام وبعد الانتصار سبقت حکومة الثورة واستأذنت الإمام لتشکیل حرس الثورة تحت إشراف الحکومة المؤقتة.
عندما بادرتم بتشکيل هذا الحرس، کيف قدمتموه الی الإمام الخميني؟! وکیف کانت ردة فعل الإمام الخميني بهذا التشکيل؟!
تشکل حرس الثورة تحت إشراف الحکومة المؤقتة وأنا أمرت بالانضمام إلی حرس الثورة من قبل العديد من الشخصيات من بينهم الشهید بهشتي، والشهید مطهري، والمرحوم الهاشمي الرفسنجاني، وسماحة آیة الله الخامنئي، والمرحوم الشهید مفتح. من ضمنهم ما زال سماحة آیة الله الخامنئي علی قید الحیاة.إنهم قالوا لي: انضم إلی الحرس فأنا ذهبت إلی المکان حيث یتشکل الحرس هناک. جلست وکتبت تشکیل حرس الثورة 1- محسن رفيق دوست.
بعد شهرین رأیت أنه لا یمکن تشکیل حرس الثورة لکون تحت إشراف الحکومة المؤقتة، لذلک ذهبنا عند الإمام إلی قم مع عدد من أعضاء الحرس وطرحنا المشکلة فسألني الإمام: ما هي الطريقة الافضل من أجل أن یکون الحرس تحت إشرافها؟ فقلت مجلس الثورة. أمر الإمام أن یکون الحرس تحت إشراف مجلس الثورة ثم عندما کانوا یکتبون نص الدستورکان حرس الثورة أول مؤسسة تدخل ضمن الدستور، أي بعد شهر أو شهرین من تشکیل حرس الثورة أصبح تحت إشراف مجلس الثورة المجلس الذي يشرف عليه الإمام، وبعد مدة اختار له قائدا کقوة مسلحة والیوم آیة الله خامنئي هو قائده.
کثیر من الثورات في العالم قامت. لکن الثورة الإسلامية بقيت خالدة. هل الحرکة الثورية هي من جعلت الثورة خالدة ام بشخصية الإمام الخميني أم أن الشعب الإیراني أصبح عنده مسألة الثورة من المبادي والعقيدة التي یتوارثونها جيلا بعد جيل؟!
جاء في نص الدستور أن حرس الثورة یبقی للحفاظ علی الثورة وإنجازاتها قال الإمام في زمان حیاته إذا لم يكن الحرس لم يكن البلد.. یعتقد كبار الشخصيات والرموز الیوم أنه إذا لم یکن حرس الثورة لم یکن البلد. لم تکن مهمة حرس الثورة کجیوش وقوات مسلحة أخری وکما تزعمون، نحن جیش عقائدي. فحرس الثورة تشکل بشکل صحیح للحفاظ علی الثورة وسیبقی للحفاظ علیها وعلی إنجازاتها.
الإمام الخميني رضوان الله تعالی علیه کان يريد إيران دولة قوية و مقتدرة. أراد أن تمتلک القوة. القوة تمثلت بالحرس الثوري الذي أصبح اليوم يشکل قوة تهدد دول أو هي قوة تحارب الظالمين بجانب المظلومين. هل تحقق حلم الإمام الخميني اليوم بعد مرور هذه الأعوام کلها وهل أصبحت إيران دولة قادرة علی محاربة الکيان الصهيوني وزواله؟!
إن الثورة الإسلامية اليوم مزودة بقوتين رئيسيتين: الأولى نفس الثورة الإسلامية اعني بها الإسلام الحقيقي الذي يحكم حالياً في إيران والذي يختلف تماما مع غيره من الإسلاميات التي تحكم في المنطقة كما يختلف تماماً مع الإسلام الأمريكي والإسلام السعودي، إن الفقه الجعفري يسود هنا ويحكم.
والقوة الثانية هي حرس الثورة الإسلامية وتحقيق شعارها.. إننا في اليوم الذي أردنا أن نختار ونكتب هذا الشعار اقترح أحد كبار شهدائنا هذه الآية القرآنية كشعار الحرس (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ).. نحن اليوم نمتلك قوة عسكرية عظيمة حيث يفقد الخيار العسكري معناه ضدنا يعني نحن نعتقد أن القوة الجوية والبحرية والصواريخ والقنابل لا تعين مصير الحرب أثناء الحروب بل القوة البرية هي التي تعين مصيرها.. لا تتمکن أي دولة من دول العالم من أن تعدّ خلال 10 أيام قوة برية بقدر خمسة أضعاف من أكبر قوة برية في العالم والتي تمتلكها الولايات المتحدة الأمريكية.. بالتالي نحن قوة تؤثر وجودنا وحضورنا وليس بالضرورة الحرب.. قال قائد الثورة الإسلامية قبل عامين أن تاريخ اسرائيل كله يدوم حتي 25 عاماً ونحن نقول الآن إنه يدوم حتى 23 عاماً.. إن تواجدنا وحضورنا يدمر إسرائيل ويقضي عليه.
السيد رفيق دوست، أنا احببت أن يکون هذا اللقاء من القلب إلی القلب، بعيداً عن برتکول الإعلام والصحافة. لذلک أنا لم أضع أي ورقة أمامي. أن أريد أن اسألک سؤالاً قاله لي أحد الشخصيات اليهودية الذي هو ضد الصهيونية اسمه «إسرائيل شامير»، هو قال لي: إذا کان إيران تمتلک قوة وقدرة علی إزالة إسرائيل من الوجود، ونحن عندنا يقين بهذا الکلام، لکن حتی الآن نحن لا نفهم لماذا إيران لم تهاجم إسرائيل وتزيلها من الوجود وترد القدس للمسلمین؟! أوجه لک نفس السؤال.
لم يكن لدى الإمام الخميني وقائد الثورة فكرة الهجوم على أي بلد عند تولي الحكم والوصول إلى القدرة والقضاء على اسرائيل.. قد يؤدي ذلك إلى المزيد من الأضرار والخسائر، وأنتم عايشتم ذلك في لبنان حيث كنت ممن ساهموا في تشكيل حزب الله اللبناني.. في بداية مسيرة المقاومة في لبنان -المقاومة التي تشكلت اليوم في لبنان والتي ترفض العنجهية الاسرائيلية وقد دمرت سلطتها وجعلت من اسرائيل دولة فقيرة.. بهذه الطريقة التي ننتهجها- نعم إذا ارتكبت الولايات المتحدة الأمريكية أو أية دولة أخرى بما فيها إسرائيل أصغر خطأ وإذا أرادت أن يسبق علينا في إشعال الحرب فنحن أعلنا استعدادنا بأننا نرد عليها ونعلن إذا تحب إسرائيل وغيرها أن لا نقضي عليها فلتغادر الأراضي المحتلة.
يعني حزب الله هو من برکة الإمام الخميني. وانتصارات حزب الله هي من برکة انتصارات الثورة الإسلامية. وبداية تشکيل حزب الله کان مع انتصار الثورة الإسلامية. حتی اليوم حزب الله يقول إن حزب الله اخذ من وحي انتصار الثورة الإسلامية في ایران، والحرس الثوري عمد علی تدريب حزب الله بأن يقاتل هو و أن لا يرسل الحرس الثوري للقتال. هل هذا نفس المبدأ في فلسطين؟! يعني أنتم تريدون أن يتحرر القدس علی أيدي الفلسطينين، ليس أن يکون تحرير القدس بقوة الحرس الثوري؟
مائة بالمائة… مائة بالمائة.. مائة بالمائة نعم.. نعم مائة بالمائة.. نحن ندعم حماس بکل قوة… في حرب غزة نحن حاربنا ضد إسرائیل نعم.. قاسم سلیماني صدیقي العزيز والحبيب.. نعم نعم.. حتی الآن أنا عمید في الحرس.
هل أنت صدیق اللواء قاسم سلیماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني؟ وهل لديک تواصل وارتباط معه؟!
نعم. نحن أصدقاء ونلتقي بعضنا البعض دائما. أنا مازلت أحد أعضاء الحرس الثوري. أنا برتبة العميد لذا دائماً لدي تواصل مع قادة الحرس الثوري.
السيد رفيق دوست، أريد منک شيئاً عن الإمام الخميني لم تقله من قبل.. أي ذکری عن الإمام الخميني تحتفظ بها بنفسک؟
أنا تحدثت حول الموضوع ولكن لم أقله كثيراً.. عندما شكلت 18 فرقة متخصصة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأسلحة والذخيرة بما فيها الرصاص والصواريخ والغواصات والطائرات وطائرات الهليكوبتر(مروحيات) والخ…
ذهبت عند الإمام الخميني مخبراً إياه عن تشكيل هذه الفرق، وقلت أن ترحيب الشباب بالأمر كان كثيراً.. قلت هذا كله.. إن الفرقة الثامنة عشرة كانت اسمها (ش.م.ر) سأل الإمام الخميني ما هذا؟ قلت يقصد منها الكيمياوية (شيميايي) والبيولوجية (ميكروبي) والإشعاعية (راديواكتيو)..
سأل الإمام مرة أخرى هل الإشعاعية نفس النووية؟ قلت: نعم.. قال الإمام: يعني تريدون صنع القنبلة النووية.. قلت: نعم.. أجاب الإمام: كلا، لا أسمح.. إن القنبلة النووية ليست أسلحة الحرب ولا تستخدم في الحروب (واستمر في كلامه) قائلاً: لا تصنعوا أيضاً الأسلحة الكيمياوية والبيولوجية.. قلت: إن العدو صنع ومازال يصنع. أجاب الإمام: اذهبوا واصنعوا مضادها.
السيد رفيق دوست، في نهاية الحديث ماذا تقول لروح الإمام الخميني؟! أنت الذي قدت السيارة به وأنت الذي حملته وأنت الذي شکلت الحرس الثوري له ورافقته وکنت القريب المقرب منه. اليوم ماذا تقول عنه؟
أنا أؤمن إيماناً كلياً أن الإمام الخميني بعد الأنبياء والمعصومين وأنا أرى الإمام الخميني فوق الإنسانية بل هو أنقاها وأصفاها وأكثرها إيماناً بالله ورسوله وأهل بيته «ع»