ايران

السيد علي الخامنئي، استمرار للصمود والانتصار

تغنى الأميركيون على مدى عقود من الزمن بصداقتهم المترسخةوعلاقتهم المميزة مع دولة إيران، صداقة مميزة كانت إيران بموجبهاالطفل المدلل لأميركا في المنطقة، شأنها شأن إسرائيل إن لم نقلبتميز أكبر . استمرت تلك العلاقة الطيبة حتى عام ١٩٧٩ حينما تغيرتموازين المنطقة والعالم ككل، وذلك بظهور نظام إسلامي مقاوم يجاهربعدائه لأميركا واسرائيل ويسعى لتأسيس حركات مناهضة للمشروعالأميركي ورفدها بكل ما أمكن، من مال وسلاح وتدريب ومواقف،إلى أن أصبحت إيران عدواً لدوداً لأميركا ومن خلفها إسرائيل نتيجةاحتضانها لحركات المقاومة، ووضعها نصب أعينها وعلى بوصلتهاالقدس وفلسطين، ووجوب تحرير تلك الأراضي المقدسة، شأنها شأن ايأرض محتلة، وإرجاعها الى أصحاب الحق الأصليين .
لم تنشأ تلك التغيرات من فراغ أو دونما قيادة فذة وحكيمة تعي كل ماتفعل وكل ما يجب فعله . على رأس تلك الثورة وتلك الحركة التغيريةالهائلة، كان هناك شخص، اسمه روح ا الموسوي الخميني، الذيقاد كل تلك الحركة من خارج إيران قبل أن يعود اليها، ولتكون ثورتهالثورة الكبرى والأقوى في القرن العشرين، بل في عصرنا الحالي والتياستطاع من خلالها تغيير سياسة ونهج وعقيدة وفكر ونقل الإيرانيينمن دولة علمانية اشتهرت بكل أنواع الانحلال الأخلاقي والانفتاحالسلبي،إلى جمهورية إسلامية بكل ما للكلمة من معنى، تعتمد الإسلامدستورها، بكل مفاهيمه وقيمه .
وبالطبع، فكما كان للإمام الخميني الراحل، دوراً قيادياً وتعبوياً
وتوجيهياً في تلك الثورة، فقد شاركه تلك القيادة وتلك المسؤولية، ثلةمن الاشخاص الذين كان لهم دوراً فاعلاً أيضاً ساهم بإيصال الجمهوريةالإسلامية الإيرانية إلى ما وصلت اليه، ومن هذه الثلة أشخاص أحياء لاتزال بصماتهم في شتى المجالات، وأشخاص أموات أو شهداء، لم يغبدورهم وذكرهم أيضاً .
طبعاً، أبرز تلك الأسماء دون منازع هو السيد علي الحسيني الخامنئي،الذي تصدى قبل وخلال وبعد الثورة لمسؤوليات عدة، أعطت ثمارهاأ
في الساحة الايرانية وما تزال، من خلال رئاسة الجمهورية أو ما بعدها،حتى تصديه لولاية الفقيه بكل ما تحمله من مصاعب وأثقال علىكاهله، رغم تقدمه في السن .
وبالتوسع في ذكر ما حققه السيد علي الخامنئي للثورة والجمهوريةالإسلامية الايرانية، تتوه الأفكار وتنضب المعاني والكلمات لكثرةإنجازاته وتنوعها، وإن لم نكن نتجرأ على اتخاذ صفة الناقد في هذهالميادين ولتلك المنجزات، لحرفيتها وتأثيرها، على الرغم من كثرتهاوتنوعها، الا أننا نلتمس قبول تشرفنا بالإضاءة على غيض من فيضها،علّنا نكون قد رددنا بعضاً من جميل كبير وعطاء لا ينضب على واقعناالمحلي والاقليمي، تجلّت نتائجه على لبنان تحديداً في تحرير جنوبهعام ٢٠٠٠ وفي انتصار أسطوري عام ٢٠٠٦ وفي ابادة واضحة لمشروعداعشي منذ العام ٢٠١١ .
ذلك القائد، بل ذلك الرئيس، بل ذلك المشرّع، بل كل تلك التوصيفاتالتي تقلّ وتتواضع أمام كل ما حققه، لا يمكن الحديث عنه بأسطر أوكلمات .
لقد كان السيد علي الخامنئي منذ ما قبل الانطلاق الفعلي للثورة عام١٩٧٩، بل منذ بداية التمهيد لها على تواصل دائم مع الامام الخمينيوفي تقارب فكري مستمر ليأنس برأيه وينهل من حكمته ويستمعإلى توجيهاته بكل ما تحقق وما يجب تحقيقه، قبل الثورة من خلالالاستماع الى المخططات والارشادات، وخلال الثورة من خلال تلقيتعليمات كل خطوة، وبعد الثورة لرسم السياسات المستقبلية وسبلالحفاظ على الثورة، حتى بتنا نشهد ونلمس ما تحقق وما يُعمل علىتحقيقه في كل أمور الدولة وما يتبع لها من أمور المسلمين .
ومثلما يتولى الكثير من مفاصل الحكم والأمور الحياتية للدولةوالسياسات الخارجية، فإنه تولى أيضاً زمام الأمور الفقهية والقضاياالمتعلقة بها من فتاوى واستفتاءات، وتفصيلات فقهية .
وعلى الرغم من تقدم السيد الخامنئي في العمر(أطال ا عمره) الا أنروح الشباب وحكمة القائد هي أبرز ما يتميز به، فتراه يمارس العديدمن الأنشطة التي تحافظ على همته وشبابه، وتراه الحازم والصارمفي قرارات تحتاج إلى شجاعة قلّ نظيرها، لنتبين فيما بعد أصداءها
الإيجابية في كافة الميادين .
لم تمنعه الإصابة التي تعرض لها والتي سببت له عدم القدرة الدائمةعلى تحريك إحدى ذراعيه بالتقاعس أو التخاذل يوماً عن تأدية تكليفالهي يعتبر نفسه مسؤولا عنه .
تضيع الحروف وتتباخل عًلينا المعاني في إيفاء ذلك القائد بعضاً منحقه، الذي ما انتظر مدحاً أو ثناء في يوم من الأيام على أي عمل قامأو يقوم به، بل تراه يقدم ويعتبر نفسه مقصراً في عمله، بناءاً علىقناعة وعقيدة ثابتة بأن كل ما ينجز هو للتمهيد للدولة القوية التييستلم قيادتها الامام المهدي .
تبقى الحروف والكلمات عاجزة أمام هذا الشخص الذي قدم كل مايستطيع تقديمه وما زال في سبيل هدف إلهي سامٍ ومقدس استمرلأكثر من أربعة عقود من النضال والعطاء والتقدم .
حمزة العطار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى