لبنان

بين أحقية المطالب الشعبية وضبابية المشاريع الخارجية، خيطٌ رفيع

إلياس المر – أمين عام الاتحاد المشرقي

المدعو وليد فارس المستشار المقرب من ترامب يتابع الثورة في لبنان أكثر من أي شيء آخر ويناشد ترامب “لتحرير لبنان مرّة ثانية” ..

لوليد ولكل المراهنين عليه نقول، الزمن الأميركي في المنطقة قد ولى الى غير عودة، وبديل هزيمتكم في سوريا واندحار أتباعكم (داعش) في العراق، وصمود المقاومة في اليمن، وتهاوي منظومات دفاعاتكم الجوية في الخليج، وسقوط حليفكم الأبرز ناتانياهو، واسقاط أحدث طائراتكم في ايران، وعودة روسيا الى المنطقة، و فشل اسرائيل في غزة، وفشل سياسة العقوبات الاقتصادية على ايران وتنامي الاقتصاد الصيني الهائل وتفعيل مشروع الطريق الحرير والحزام،

كل هذه الأثمان لن تُدفع في لبنان، لبنان الذي تحرر من أزلامكم عام ٢٠٠٠ والذي صمد تحت وابل قذائفكم عام ٢٠٠٦، وانتصر على جميع مؤامراتكم منذ عام ١٩٩٣، ضد شعبه ومقاومته، لبنان الذي قال كلمته في كل الساحات والميادين،

وليد، اسمع جيدا، نعم أنتم نجحتم منذ العام ١٩٩١، باسقاطنا بفخكم الاقتصادي، يوم أقمتم نظاما ماليا محكما، مؤلف رئيس وزراء وحاكم مصرف أمينين وفيين على مصالحكم وخطتكم، افقار الدولة لاحكام القبضة على القرار السياسي، كانت المعادلة، أعطنا الاقتصاد وخذ رقبة المقاومة فكان قرار مجلس الوزراء عام ١٩٩٣، بالدخول الى عقر دار المقاومة والانقضاض عليها، وفشلتم، فكانت النتيجة عناقيد الغضب ومجزرة قانا عام ١٩٩٦.
فشلتم باعاقة وصول اميل لحود الى سدة الرئاسة وفشلتم في منع التجيد له فكانت النتيجة اغتيال رفيق الحريري لاحراج السوري واخراجه، ولمحاصرة المقاومة سياسيا وتكبيلها بصراع طائفي سني شيعي، ولتهيئة الأرضية السورية المناسبة لما جرى عام ٢٠١١، بعد تهييج الشارع السني،
فشلتم بجر المقاومة الى هكذا صراع بفضل وعي قيادتها الحكيمة الراشدة المؤمنة، فكانت النتيجة عدوان تموز على الحجر والبشر، وقمنا من تحت الرماد فشلتم وانتصرنا.

أما اليوم، فان عملية الركوب على موجة الحراك، على أوجاع الناس وهمومها، على جوع الناس وفقرها، وامتطاء مطالبها المحقة من أجل تحوير البوصلة باتجاه التصويب على حزب الله، وعلى سلاح المقاومة بعد فشل محاولة خنقه اقتصاديا من خلال العقوبات، لا هذا أمر من ضرب الخيال..

اسمع يا وليد جيدا، نحن نعلم أنكم غير راضين على الحكومة، وغير راضين على أداء سعد الحريري وتعتبرون أن نفوذ حزب الله مصان على أعلا مستوياته في هذه التركيبة،
قوة حزب الله لا تنبع من سياسة حكومة بل من مقاومة العدو الاسرائيلي والتكفيري في لبنان والمنطقة وهذه القوة لا تنبع من سياسة حكومة بل نابعة من ذاتها من أهلها من ناسها باقية في هذه الحكومة أو غيرها، باقية ما بقي لبنان.

وتقاطع انزعاجكم هذا مع نقمة عارمة لدى معظم اللبنانيين من سياسة هذه الحكومة الاقتصادية وعجزها في تحسين الأوضاع المالية والنقدية، ترافق هذا العجز مع ضغوطات أوحت بها ادارتكم (البيت الأبيض) للحاكم الرياضي في التنفيذ (حاكم مصرف لبنان) بتجفيف منابع الدولار في الأسواق، وأوحت السفارة الأميركية للوزير شقير ببهلونة وضع تعرفة على الواتس أب، مما حضر الأرضية لحراك شعبي عارم بوجه الحكومة.

هنا يجب الفصل، بما أن هنالك من تقاطع بين الادارة الأميركية وما تريده، وبين معظم الشعب اللبناني الناقم على الأوضاع الاقتصادية المعيشية والخدماتية المتردية، لا بد من الفصل بين خلفية ونوايا كلاهما،

الشعب مطالبه معروفة، يريد سياسة اقتصادية رشيدة، يريد تأمين المتطلبات الأساسية، يريد وقف عجز الكهرباء قبل الكهرباء، يريد انعاش القطاعات الزراعية السياحية الصناعية من خلال دعم وحوافز، يريد انعاش قطاع السكن والاسكان لما له من تأثير اجتماعي مباشر على الشباب وتأثير على دورة اقتصادية كاملة، يريد انهاء ملف النازحين السوريين لما يرخي من ثقل على البنية التحتية والاقتصادية، يريد تفعيل وتأهيل التعليم الرسمي، كما أنه يريد تحديث الادارة، والانتقال من البيروقراطية الى المكننة وصولا الى الحكومة الالكترونية، التي تؤمن المعاملة للمواطن دون واسطة أو سمسرة، حيث لا يعود هناك “اكرامية” في الجارور ..

هذا ما يريده الشعب اللبناني، وهل يختلف اثنان على هذه المطالب؟ لا أظن.

أما ما تريده أنت يا وليد ويريده أصدقاؤك من اللبنانيين بعضهم شريك في السلطة، وبعضهم فاقد الصلاحية وبعضهم طامح بسلطة وبعضهم حاقد فقط، ونعرفهم بالأسماء، ما تريده هذه المجموعة هو رأس حزب الله وهنا بيت القصيد.

رأس حزب الله لا يطال، لماذا، لأن حزب الله ليس كيانا حزبيا فقط؟ بل كيانا انسانيا قوامه الانسان، فأنتم غير قادرين أن تطالوا الانسان في لبنان الى أي طائفة أو عرق انتمى.

حزب الله حزمة من دماء الشهداء وعرق الكادحين ومجتمع من المثقفين الأكاديميين والملتزمين عسكريا بوجه العدو، أخلاقيا ونعم دينيا، ولم يكن الالتزام الديني يوما مذمتا، بل نعمة الالتزام بالقيم الدينية الاخلاقية السامية ضرورة تشمل كل الأطراف من كل الطوائف والأديان شرط أن ألا تتحول الى جدار عازل بوجه الآخرين، وهذا ما لا ينطبق على حزب الله الذي نراه محاطا بباقة من الحلفاء من المسيحيين الدروز والسنة، مما يحول الاسطفاف من مذهبي طائفي الى اسطفاف سياسي مبدئي.

هي شعرة بين ما نريد وعن حق وما يريد فريق وليد فارس وعن باطل وما بني على باطل فهو باطل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى