لبنان

سيرة المحقّق الثاني الشّيخ الكركي..

تعرف على الفقيه الكركي ومهمة إصلاح الدولة الصفوية !

#عفراء_المقداد

الشيخ ”علي بن حسين بن علي بن محمد بن عبد العالي الكركي” العاملي

هو رجل دين وفقيه شيعي من جبل عامل، يُشتهر الكركي في الأوساط الشيعية باسم المحقق الكركي أو المحقق الثاني، وله العديد من التحقيقات في الفقه والتي تُدرّس كثيرٌ منها في الحوزات العلمية، وله آراء فقهية مثيرة في مسألة ولاية الفقيه وقد سماه أبوه علي ولقبه بنور الدين..

عاش متنقلاً بين البلدان فمن بلده جبل عامل هاجر إلى الشام وبعد أن درس على علمائها الشوافع ارتحل إلى مصر ثُمّ إلى العراق حتى إذا أقيمت الدولة الصفوية عزم على التوجه إلى إيران فحظي بثقة الشاه إسماعيل الصفوي وقلّده بعض المناصب الدينية العالية وجرى على ذلك خلفه طهماسب الأول وقد توفي الكركي في عهده على بعض الأقوال.

ويحظى الكركي بتوثيق من كبار رجال الشيعة، ومن بينهم: الحر العاملي،والمجلسي، ويوسف البحراني، وحسين النوري، وحسن الصدر، ومحمد باقر الخوانساري، والتفرشي، ونظام الدين القرشي، وغيرهم.

له كنية واحدة، وهي أبو الحسن، ذكرها بعض معاصريه والقريبين من عصره.

للكركي كذلك ألقاب كثيرة، ومنها: زين الدين، نور الدين، خاتم المجتهدين، علاء الدين، الكركي، العلائي، الشامي، العاملي، مروّح المذهب، المولى المروّج، المحقّق الثاني، المحقّق الكركي، النجفي.

آل الكركي من الأسر الشيعية المشهورة في كون أبنائها ممن سلكوا مسلك رجال الدين، وقد انتشروا في الشام والعراق وإيران، وأسرة علي الكركي تحديداً فيها من مشاهير العلماء الشيعة الذين مكثوا في النجف مدة قصيرة وسرعان ما تفرقوا عنها. ومنهم جده الأعلى: الشيخ عبد العالي الكركي، من تلامذة علي بن هلال الكركي. ووالده: عزّ الدين حسين بن عبد العالي الكركي، كان حياً سنة 900 هـ، يروي عن أحد ولدي الشهيد الأول، ويروي عنه الشيخ علي بن هلال الجزائري.

ولد عام 868 هجرية أو عام 870 هجري، في كرك نوح وهي إحدى المدن الصغرى بالقرب من بعلبك في لبنان، ويعدهاالبعض من قرى ومدن جبل عامل لقربها من القرى العاملية.

هو أول فقيه من جبل عامل يستجيب لدعوة الصفويين. وقد رفض قبله الشهيد الثاني دعوة الصفويين له بالذهاب إلى دولتهم.

التقى المحقق الكركي بالشاه إسماعيل الصفوي في (هرات) عندما فتح الملك الصفوي هذه المدينة، وطلب منه أن ينتقل معه إلى إيران ويتولى شؤون الدولة الشرعية والفقهية بموجب المذهب الشيعي.

لم يخف المحقق الكركي استياءه من بطش الصفويين بالسنّة في مدينة هرات بعد فتحها والقضاء على دولة الازبك، خاصة بعد أن قتل الجيش الصفوي شيخ الإسلام في هرات سعد الدين التفتازاني صاحب كتاب «المطول في البلاغة» فنبهه إلى خطئه في الاضطهاد الطائفي والفتك بمن يخالفه في المذهب.

انتقل المحقق الكركي إلى إيران بصحبة الشاه واستغل هذه الفرصة أفضل استغلال، ونشط في تكريس ونشر فقه أهل البيت عليهم السلام في إيران، وتولى تعيين العلماء وأئمة الجماعة والقضاة في أطراف البلاد بصورة منظمة.

فقد كان المحقق الكركي أول من نظّم ارتباط العلماء بالمرجعية، وكذلك نظّم جباية الحقوق الشرعية بصورة ميدانية وواسعة في الدولة الصفوية، (كما فعل الشهيد الأول في بلاد الشام) مستفيداً من إمكانات النظام والدعم السياسي والمالي الذي كان يتلقاه من قبل الدولة.

قد استطاع المحقق الكركي أن يقنع جمعاً من زملائه وأصدقائه وتلاميذه في جبل عامل للهجرة إلى إيران والإفادة من هذه الفرصة السانحة لنشر وتكريس المذهب الشيعي وبسط نفوذ الفقهاء في هذه الدولة الفتية.

ويبدو أن المحقق الكركي استطاع أن يحقق خلال هذه الفترة أهدافه بصورة جيدة، ونجح في بسط نفوذ المؤسسة الفقهية إلى حد بعيد، مما جعل البلاط الملكي يتضايق منه بصورة أو بأخرى، وقد أدى ذلك فعلا إلى برود ملحوظ في علاقة المحقق الكركي ببعض أجنحة البلاط، فآثر المحقق أن يغادر إيران إلى العراق، ويعود إلى النجف مرة أخرى ليعاود نشاطه الفقهي في هذه المدينة.

وقد مكث المحقق لقرابة ست سنوات في النجف توفي خلالها الشاه إسماعيل وخلف على الملك ابنه طهماسب.

ويبدو أن الفراغ الذي خلفه المحقق الكركي من بعده أضرّ بالدولة، مما جعل طهماسب ابن الشاه إسماعيل يطلب من المحقق العودة إلى إيران لتسلم منصب شيخ الإسلام في عاصمة ملكه (اصفهان). فاستجاب المحقق الكركي لدعوة الملك ورجع إلى اصفهان عاصمة الصفويين بصفة (نائب الإمام). وهذه الصفة تمنحه بطبيعة الحال الولاية المطلقة في شؤون النظام والامة وتجعل مشروعية النظام تابعة لاذن الفقيه ،وأقر النظام الصفوي للمحقق بهذه الولاية المطلقة النائبة عن ولاية الإمام، وصرح له الملك (بأن معزول الشيخ لا يستخدم ومنصوبه لا يعزل)

كان وفود المحقق الكركي على عاصمة الصفويين بداية لهجرة واسعة من قبل فقهاء جبل عامل والمراكز الفقهية العامرة الأخرى في ذلك التاريخ مثل البحرين. وقد قدم إلى إيران بعد المحقق الكركي جمع من كبار الفقهاء منهم: الشيخ حسين بن عبد الصمد ـ والد الشيخ البهائي ـ، والشيخ علي المنشار، وكمال الدين درويش محمد العاملي، والشيخ لطف الله الميسي العاملي، والشيخ الحر العاملي وغيرهم

ونذكر من أساتذته ما يلي:

١ـ الشيخ علي بن هلال الجزائري.

٢ـ الشيخ محمّد بن خاتون العاملي.

٣ـ الشيخ جعفر بن حسام العاملي.

٤ـ الشيخ أحمد العاملي العينائي.

٥ـ الشيخ محمّد بن داود.

ومن تلامذته نذكر منهم ما يلي:

١ـ الشيخ زين الدين الجبعي العاملي، المعروف بالشهيد الثاني.

٢ـ الشيخ نعمة الله بن أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي.

٣ـ السيّد محمّد بن أبي طالب الإسترآبادي الحسيني.

٤ـ الشيخ إبراهيم بن علي الخونساري الأصفهاني.

٥ـ الشيخ درويش محمّد بن الشيخ حسن العاملي.

٦ـ السيّد علي الحسيني الإسترآبادي النجفي.

٧ـ الشيخ أحمد بن محمّد بن خاتون العاملي.

٨ـ الشيخ علي المنشار زين الدين العاملي.

وله العديد من المؤلّفات والمصنفات والكتب تصل إلى حدود إثنين وثلاثين كتاباً، أبرزها:

– جامع المقاصد في شرح القواعد. شرحٌ على كتاب قواعد الأحكام في مسائل الحلال والحرام لابن المطهر الحلي خرج منه ستّة مجلدات، ولم يتمّ مؤلفه الكتاب أي أن شرحه لم يستوعب إلا جزءاً بسيطاً من الكتاب المشروح، فأتت بعد ذلك عدد من المتممات والحواشي والتعليقات.

– الرسالة الجعفرية.

– رسالة الجنائز.

– نفحات اللاهوت في لعن الجبت والطاغوت. ذكر هذا الكتاب آغا بزرگ الطهراني في الذريعة ونقل جزءاً من مقدمته وذكر أنّه فرغ من تأليف الكتاب في مشهد سنة 917 هـ.

– الرسالة الرضاعية

– شرح ألفية الشهيد. هو شرحٌ على كتاب الألفية في فقه الصلاة اليومية لشمس الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين مكي العاملي المعروف في الأوساط الحوزوية بلقب الشهيد الأول.

– رسالة أقسام الأرضين.

– رسالة صيغ العقود.

– رسالة أحكام الإسلام.

– الرسالة النجمية.

– الرسالة المنصورية.

– رسالة في تعريف الطهارة.

– المطاعن المحرمية.

– رسالة في العدالة.

– رسالة في الغيبة.

– الرسالة الحجية.

– حاشية على تحرير الأحكام.

– الرسالة الكرية.

– رسالة في التعقيبات.

– قاطعة اللجاج في تحقيق حل الخراج.

– رسالة الجمعة.

– حواشي مختلف الشيعة.

– حواشي كتاب شرائع الإسلام.

قال عنه الحر العاملي في كتابه أمل الآمل: (( … أمره في الثقة والعلم والفضل ، وجلالة القدر وعظيم الشأن وكثرة التحقيق ، أشهر من أن يذكر … )) .

وقال عنه الأردبيلي في كتابه جامع الرواة: (( … شيخ الطائفة وعلامة وقته صاحب التحقيق والتدقيق كثير العلم نقي الكلام جيد التصانيف من أجلاء هذه الطائفة … )) .

توفي المحقق الكركي قدس سره في اليوم الثامن عشر ( وقيل التاسع والعشرون ) من شهر ذو الحجة الحرام من علم 940ه‍ ، ودفن بجوار مرقد أمير المؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف

#مرايا_الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى