لبنان

السيد نصرالله: معركة طوفان الأقصى هي معركة وجود ومصير

نصرالله: لا نربط بين الملف الرئاسي وجبهة الإسناد لغزة

تحدّث الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله

خلال الحفل التكريمي الذي أقامه حزب الله للعلامة المحقق والمجاهد الشيخ علي كوراني، في مجمع المجتبى عليه السلام في الضاحية الجنوبية لبيروت

وأشار سماحته إلى السيرة العلمية للعلامة كوراني مؤكداً انه بذل جهوداً كبيرة في التبليغ الديني من العراق إلى الكويت إلى لبنان وإيران وإلى الكثير من الدول الأفريقية والعربية، وألّف أكثر من ستين كتاباً في السيرة والعقائد وغيرها من المواضيع.

السيد نصر الله أشار إلى أن إنجازات الشيخ كوراني مهمة وعلى رأسها إدخاله التقنيات الحديثة إلى الحوزة العلمية والبحث العلمي، ومن إنجازاته “برنامج مكتبة أهل البيت عليهم السلام، حيث أن أي باحث أو مبلّغ يمكنه من خلال هذا البرنامج الكمبيوتري الذي أنجزه الشيخ كوراني أن يحصل على أي مادة وهذه صدقة جارية”، لافتاً إلى أن “هذا الإنجاز الفني الكبير وهذا الإنجاز العلمي أيضاً تمّ تحت رعاية مرجعية السيد السيستاني دام ظله الشريف”.

سماحته قال إن “الإنجاز الثاني للعلامة كوراني تأليفه العديد من الكتب في موضوع القضية المهدوية ومشاركته في العديد من المؤتمرات، وأهمّ إنجاز في هذا السياق هو العمل الموسوعي الذي أنجزه، وهي الموسوعة التي جمع فيها كل المصادر في خصوص القضية المهدوية”.

وتابع السيد نصر الله “كان سماحة الشيخ الراحل صاحب رأي في القضية المهدوية، والقضايا السياسية وتقييم الوقائع والشخصيات، وعندما كان يأتي إلى لبنان كنّا نتشرّف بلقائه أنا وبعض الأخوة، وكنّا نناقشه في بعض الآراء وكان يتقبّل ذلك بصدر رحب”.

واضاف “الشيخ كوراني لم يكن يعتبر نفسه معنياً بملف أو بحدود جغرافية معينة، وكان من المؤسسين في العمل الإسلامي الحركي بداية من العراق في الستينات، ويُعتبر سماحته من المؤسسين للعمل الإسلامي في لبنان بشكله الذي طرأ في أواخر الستينات وبداية السبعينات”، لافتاً إلى أن “في أواخر السبعينات كان سماحته من المؤسسين لبدايات العمل الجهادي غير العلني، وهذا العمل أدّى إلى تعّرضه لمحاولة اغتيال عام 1979 وبقيت الرصاصة أكثر من أربعين عاماً وذهبت معه إلى الوفاة”.

الأمين العام لحزب الله أشار إلى أن “الشيخ كوراني واصل جهاده على مدى أربعين عاماً، والذي أدّى إلى انطلاقة المقاومة الإسلامية والتي ما زالت مستمرة إلى اليوم، وإيمانه بالمقاومة ودعمه لها كان مطلقًا بيانًا ومساندة ودعمًا وبذلًا لفلذة الكبد، وكان الشهيد الشيخ ياسر ابنه أحد أفراد الفريق الأول، وكان يشكل رابطاً أساسياً مع الإخوة الحرس، وكان مشجعاً لبقاء الشيخ ياسر في الجنوب والتحق بالعمليات في الجنوب إلى أن قضى شهيداً”، لافتاً إلى أن “سماحة الشيخ علي كان من أوائل العلماء الذين دفعوا أبناءهم للالتحاق بالجبهات وقضوا شهداء”.

كما أشار إلى أن “سماحته تأثر كثيرًا باستاذه السيد عبد الحسين شرف الدين وبالعلماء السابقين، وكان التزامه مطلقاً بفلسطين من البحر إلى النهر، وكان يؤمن بشدة بانتصار المقاومة وزوال الكيان وكان يستعجل ذلك”، مؤكدًا أن “الانتصارات جعلته يعتقد أننا أقرب من أي وقت مضى من الوعد الإلهي”.

السيد نصر الله أضاف “كان الراحل يعتقد جازمًا أن زوال “إسرائيل” هي مسألة وقت وغير مرتبطة بظهور الإمام (ع) وستحصل قبل ظهوره عليه السلام”، وتابع “علينا أن نبذل كل جهد بمعزل عن أي توقعات حول المستقبل في الليل والنهار لاستئصال هذه الغدة السرطانية من منطقتنا”، وقال “نعتقد أن هذا الكيان ليس له أي مستقبل في منطقتنا”، كما لفت إلى أن سماحته كان يتابع باهتمام شديد حركات المقاومة وطوفان الأقصى.

السيد نصر الله توجّه بالتعزية والتبريك بالشهداء اليمنيين الذين قضوا في العدوان الأميركي الأخير، لافتاً إلى أن الموقف اليمني واضح منذ البداية أن أي عدوان أميركي لن يؤثر في الدعم اليمني لفلسطين والإسناد اليمني لغزة.

وتابع سماحته “المعركة في غزة ما زالت قائمة والعالم بسبب الحماية الأميركية يقف عاجزاً وهناك من لا يزال يراهن على المجتمع الدولي في الردع والحماية”.

وفي الشأن الفلسطيني، لفت السيد نصر الله إلى أن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو ومجانينه يستمرّون في حرب الإبادة أمام صمت الدول والحكام، لكن بحمد الله هذه الجرائم توقظ العالم، مضيفًا “موقف دول العالم في إدانة العدوان والمجازر واعترافها بدولة فلسطين من بركات طوفان الأقصى”.

كما أشار إلى أن استمرار نتنياهو في إصراره على حربه من الواضح أنه يأخذ الأمور إلى الأسوأ على الكيان، منوّهاً إلى أن رئيس البنك المركزي الصهيوني تحدّث عن كارثة، كما أن قادة الجيش ومسؤولين كباراً في الشأن العسكري في الكيان تحدثوا عن الأزمات والكوارث.

الأمين العام لحزب الله لفت إلى أن “عضو مجلس الحرب الصهيوني غادي آيزنكوت يقول إن فرقة كاملة (الفرقة تتألف من عدة ألوية) للجيش الصهيوني تخوض معارك ضد كتيبة كنّا أعلنّا عن تفكيكها في جباليا وأن القتال صعب”، وأضاف سماحته “بالتزامن مع معركة رفح يضطرون للدخول إلى جباليا بفرقة كاملة من الجيش “الإسرائيلي””.

وقال السيد نصر الله “هذه المعركة كما ينظر إليها نتنياهو والمتطرفون في الكيان أنها معركة وجود، يجب أن ننظر إليها أنها معركة وجود ومصير”، وتابع “لو كنّا في أميركا أو في آسيا البعيدة أو في مناطق أخرى يُكتفى بالدعم المالي والإنساني لكن هنا الأمر مختلف ولا يكفي التضامن الأخلاقي والإنساني”.

وأكد سماحته أن هذه المعركة تعني مستقبل لبنان والثروة والسيادة اللبنانية، لافتا إلى أن “كل معاناة الكهرباء في لبنان الأميركي شريك في صنعها وعطّل في موضوع حقول النفط في المياه اللبنانية”.

وشدد سماحته على أن “هذه معركة مصيرية لنا جميعاً ويجب أن نكون فيها جميعاً ونحن موجودون فيها إن شاء الله في جنوب لبنان”، وأضاف “هذه الجبهة جبهة إسناد وجزء من المعركة التي تصنع مصير فلسطين ومصير لبنان ومصير المنطقة بعيداً عن الحسابات الضيقة التي يغرق فيها بعض اللبنانيين”.

وقال :” هناك مغالطة، فعلى مدى اسابيع سمعنا البعض يقول ان هذه المعركة لا يريدها كل الشعب اللبناني ولم يوافق عليها الشعب اللبناني وهذا غير صحيح فالشهداء الذين سقطوا جميعاً اليسوا من الشعب اللبناني؟”، مؤكداً أن “هذا يكشف عن نظرة خاطئة وكأن الشعب اللبناني هو فئة خاصة في لبنان، علماً أن من يؤيد جبهة لبنان في اسناد فلسطين هم من كل الطوائف وليسوا من الشيعة فقط”.

وتابع “جبهة جنوب لبنان جبهة ضاغطة وقوية ومؤثرة على العدو الصهيوني، وقادة الكيان أتوا إلى الشمال ليفاخروا بإبعاد المقاومة كيلومترات، وجاء الرد بعملية على قرب أمتار قليلة من الموقع ولو أرادوا الدخول إلى الموقع لدخلوه”.

وأكد سماحته “نحن نواصل العمل ومعنا هذه البيئة الوفية والصابرة”، مضيفا “منذ 1948 هناك تحمل لأعباء وعدوان هذا الكيان وما زالت البيئة حاضنة ووفية ومخلصة وببركة صمودها كانت الانتصارات في أيار عام 2000 وتموز 2006”.

الأمين العام لحزب الله أضاف “لا ترسيم للحدود البرية في لبنان، وهناك تطبيق للحدود المرسّمة، وهناك أماكن يحتلها العدو يجب أن يخرج منها”، وتابع “نعتبر أننا أكبر قاعدة شعبية في لبنان وأكبر حزب في لبنان ولم نتحدث بهذا المنطق، وترى في المقابل من يقول أن أغلبية الشعب اللبناني ترفض الإسناد والدعم لغزة!”، مؤكدًا “ليس صحيحًا أن رفض الجبهة هو موقف أغلبية الشعب اللبناني”.

وحول ملف رئاسة الجمهورية في لبنان، لفت سماحته إلى أن هناك من يقول بأن سبب عرقلة الانتخابات الرئاسية هي جبهة إسناد غزة، مؤكدًا أن هذا غير صحيح، وأن الذي عطّل الانتخابات قبل بدء طوفان الأقصى هي الخلافات الداخلية والتدخل الخارجي الذي يقدّم نفسه بعنوان مساعد.

وشدّد سماحته على أن لا علاقة للمعركة في الجنوب وغزة بانتخابات الرئاسة في لبنان، ولا ربط بين الملفين، مؤكدًا أن نتائج معركة الجنوب أعلى وأكبر من المكاسب الداخلية والسياسية، كما كان التحرير في عام 2000 والانتصار في عام 2006.

وتابع السيد نصر الله “الوقوف أمام بعض الأمور التي تساعد جوهريًا، الوقوف أمامها شكليًّا، هو الذي يعطل استحقاق الانتخابات الرئاسية”، وقال “ننتمي إلى جبهة المقاومة التي أصبحت الآن أوسع من أيّ زمن مضى، وهذه الجبهة أفقها أفق مشرق ونحن أمام مستقبل واضح”.

كما أكد سماحته أن “جبهة المقاومة اليوم أوسع وأشمل وأكبر من أي وقت مضى، وأن جبهة العدو باعتراف مسؤولين صهاينة يقولون “إننا نمر في حالة سيئة لم يمر مثلها منذ 79 عامًا””، مشددا على ان التاريخ يصنع الان بقبضات المقاومين وثباتهم والايمان والشجاعة وعشق الشهادة.

وجدد الأمين العام لحزب الله في ختام كلمته تقديم التعازي برحيل العلامة الشيخ علي كوراني وكل العزاء والمواساة لعائلته.

#مرايا_الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى