سياسة

هل سيتعلم الإنسان مما حصل على مرّ الزمان؟

مقالة: د. زياد ضاهر

في العام العشرين من كل قرن وباء خطير يضرب البشرية، تفشي سريع و ضحايا بالملايين.

نحن نعرف العناوين ولكن التفاصيل أكبر بكثير, معلومات خاطئة, وحقائق مخفية تكررت وتتكرر على مدى العصور, وهكذا كانت بداية الحروب البيولوجية حتى عصرنا هذا.

فكانت السيناريوهات: البداية – الانتشار -الاحتواء.
ففي العام 1720 الطاعون ,1820 الكوليرا ,1920 الإنفلونزا الإسبانية، و2020 الكورونا-19..

فمنذ القدم حتى يومنا هذا والسؤال موضوعي للغاية:
– هل سبب انتشار الأوبئة كل مئة عام هو عمل بشري مقصود, من الطبيعة أو إلهي؟.

الطاعون 1720 عرف بطاعون مارسيليا وسمي بالموت الأسود لأنه يسبب الموت الحتمي ولطاخات سوداء على اليدين والرجلين والشفتين و الوجه . حصد الكثير من الأرواح.

الطاعون مر بثلاث مراحل:
1-طاعون عام 500 وسمي بطاعون جاستينيان نسبتاً للامبراطور الإمبراطورية الرومانية الشرقية التي تعرف بالبيزانطينية, فانتشر الوباء إلى دول الشرق الأوسط و الاقص عن طريق التجارة البرية المقصودة(من الإمبراطور) لنشر الوباء حصدت أعداد كبيرة من الأرواح. فسادت المعلومات أو الأخبار بأن الوباء غضب إلهي على الإمبراطور.
2-طاعون عام1347 في أوروبا وسبب موجة عنف والكل يئس .حصد ثلث سكان أوروبا.
فهناك رأيين في سبب الانتشار الثاني للوباء:
الأول —بدأ في الصين وانتشر إلى أوروبا عن طريق التجارة البرية إلى أوروبا و خاصة إلى إيطاليا.
الثاني— حسبما ورد عن ابن الورداني والمرقزي أنه نشأ في منغوليا وأن المغول قطعوا المسافات عمداً بحجة التجارة البرية من شمال الصين إلى إيطاليا بدون أن يعلموا الإيطاليين بالمرض فانتشر الوباء حتى بلغ الدول الأوروبية المجاورة نتيجة هروب السكان من منطقة إلى أخرى في محاولتهم للابتعاد عن الطاعون, والذي ساعد أكثر بالانتشار هي القوارض والجرزان.
ففي القرن الرابع عشر في فترة الانتشار الثاني- ظهرت أولى آلات الحرب البيولوجية- حيث كانت الدول المعادية تقصف بعضها بالجثث المصابة بالطاعون لنشر المرض فيها وبالتالي هزيمتها.

هذه الأفكار ليست بجديدة لما يعتقد الكثيرون وإنما قديمة قدم الزمان, وأول تسجيل لها في القرن العشرين في الحرب الصينية اليابانية الثانية (من عام 1931 إلى عام 1945)، استخدم الجيش الياباني سلاح الجراثيم بحجم كبير كسلاح بيولوجي,حيث قصفوا المدن الصينية ببراغيث مصابة بالطاعون الخ.
3-الطاعون الثالث 1855‪ بدأ في الصين وبقي عامين حتى عمّ معظم مناطق الصين قبل أن ينتقل إلى الدول المجاورة و دول حوض البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر بسبب التجارة البرية والبحرية(المعروف طريق الحرير) فحصد مئات الآلاف من الأرواح وما زاد الوضع سوءً, محاولة السلطات المختلفة بأخذ الإجراءات لاحتواء المرض فكانت تعمد على إحراق المباني التي يشك باحتوائها على جرزان و جثث مصابة بالطاعون فخرج الأمر عن السيطرة على الوباء ففقد العديد من الأرواح و المنازل .

الملفت في حالات الانتشار الثلاثة -السكان والأطباء كانوا يعتقدون بأن وضع الزهور حول الأنف و في داخله يمنع انتشار الوباء مع العلم كان الانتشار يحدث عن طريق السعال و اللمس المباشر والجرزان والقوارض وأيضا الانتشار المعروف – طبيب الطاعون.

أطباء الطاعون كانوا في مرتبة مرموقة و كانت آنذاك لهم بدلة وقاية معطف مصنوع من قماش مشمع , قناع وعيون زجاجية ,وانف طويل (منقار) لكي يوضع فيه أعشاب عطرية و مجموعة من التوابل على اعتقاد هذا يحمي من العدوى وتجنبه من الإصابة بالطاعون مع أن الطبيب أيضاً كان يحمل قصبة لفحص المريض لتجنب المس المباشر ومع كل هذا كان الانتشار المعروف طبيب الطاعون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى