على أعتاب الانتخابات العراقية وبعد الاستقرار النسبي الذي حظي به العراق بعد داعش والذي لم يرق لبعض الأطراف التي كانت تعول على حالة عدم الاستقرار والتذبذب السياسي الحاصل في العراق، يمكن للمتبع للمشهد السياسي وخصوصاً من يمتلك الرؤية الدقيقة أن يلاحظ بأن هناك أطرافا إقليمية تحاول أن تجد لنفسها حلفاء في داخل الحكومة العراقية المزمع تشكيلها خلال الأشهر القادمة فمن جهة السعودية تحاول كسب ودّ الأخوين النجيفيين الذين يعتبران حليفيين أساسيين لها في تسهيل العديد من الأجندات التي كانت تسعى لتنفيذها في العراق بدءاً من تمرير الملفات الساخنة وانتهاءاً بخلق داعش في شمال العراق.
اليوم السعودية تلعب بنفس الأوراق فمن جهة تدعم أسامة النجيفي وتمده بالمال والدعم وتحرك الأطراف السنية للتحالف معه ومن جهة أخرى تدعم أخوه أثيل الذي ادخل داعش إلى العراق ومهد لهم السبيل في احتلال الاراضي العراقية بالمال والسلاح والدعم السياسي ليكون لها موطأ قدم قوي من خلال مد التيار المتشدد.
ومن جهة أخرى فإن الامارات تحاول أن تلحق بجارتها الكبرى السعودية في إيجاد نقطة انطلاق لها وتسهيل نفوذها في داخل الحكومة العراقية ولم تجد لها حليفاً أفضل من إياد علاوي الليبرالي فقد وجدت فيه ضالتها المنشودة فهي لا تريد لها حليفاً متشدداً دينياً ولا متعصباً سياسياً بل شخصاً يتعامل معها بإسلوب الأخذ والرد.
وقد تسربت معلومات دقيقة من داخل البيت السياسي العراقي عن وجود اتصالا مكثفة تجري بين محمد بن زايد من جهة وإياد علاوة من جهة اخرى لتثبيت والاتفاق على بعض السياسات التي يجب على علاوي اتخاذها والتحالفات التي يجب عليه أن يقوم بها ليكون له ثقل يمكّنه من الخوض في الانتخابات القادمة بثقل أكبر.
هذا الأمر يتركنا أمام واقع مرير يحتم على الحكومة العراقية والتيارات المعتدلة والتي تريد خدمة العراق أن تتحد ضمن قوة وتحالف قوي يكون له الكلمة الفصل في إنهاء الصراع الدائر والتدخلات الاقليمية والأجنبية في العراق ليخرج البلد من دوامة الضياع والانفلات السياسي ويتجه به نحو الاستقرار والامن وتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.