
عباس جمعة
صحفي/ مراسل حربي/ موسكو
على الأرجح أن العملية العسكرية الروسية الخاصة أثارت قلقاً كبيراً لدى إسرائيل منذ البداية، لأن الطريقة التي تتبعها روسيا في حربها تدل على أن الأمر لا يزال ممكنا بطريقة مختلفة، لسنوات عديدة، تتعامل اسرائيل مع الفلسطينيين على أنه لا توجد طريقة أخرى للتعامل معهم غير هذه الطريقة ، بحجة أنهم يدافعون عن أنفسهم وهذه مسألة بقاء بالنسبة لهم ، لذلك “اتركوننا وشأننا” كما يقولون .
طبعا بعض الإسرائيليين، يتأسفون على مقتل الأطفال لكنهم يحمّلون المسؤولية للمقاتلين في حماس وغيرهم ويؤكدون أنه لا يوجد خيار ثالث بين أن نقتلهم أو يقتلوننا لأن المسألة هي مسألة وجود أو لا وجود، أمَّا أولئك المغفَّلون من الإسرائيليين المقتنعين بأنهم على حق، فيقولون ببساطة: “كل شخص هناك هو إرهابي!”، ويجب منحهم 24 ساعة، للمغادرة ومن لا يغادر فهو إرهابي سيلاقي حتفه، وشعاراتهم تتمثل بقتل الجميع وهدم كل شيء وإزالة غزة جغرافيا وتهجير سكانها إلى مصر، وبرأيهم إذا كان الفلسطينيون هم المبادرين في الهجوم، فقرار إيقاف الحرب هو بيد الجيش الإسرائيلي الخ من هذه التصريحات.
من جهة أخرى يأتي جندي روسي ليبيِّن أن هناك طريقاً ثالثاً، نعم، إنه طريق صعب وطويل ومغطى بجثث الجنود الروس ولكن بالرغم من ذلك لا نسمح لأنفسنا بإرسال قاذفات القنابل إلى الجو لتمحو كييف من على وجه الأرض، على الرغم من أن مثل هذه الدعوات تُسمع غالباً في المجتمع الروسي، خاصة بعد الهجمات الإرهابية والهجمات التي شنتها المسيرات الأوكرانية على المدن الروسية بما في ذلك موسكو. إطلاقا لا يمكننا أن نفعل ذلك. نعم لدينا الكثير من الأسلحة، ولكن لدينا الأكثر من الضمائر الحية، وبغير ذلك سينتهي بنا الأمر إلى غزة أوكرانية وسنقع في نزاع عسكري قد يدوم لمئة عام قادمة فهل نحن بحاجة إلى ذلك؟ علينا أن نتعايش مع الأوكرانيين.
الفرق بيننا وبين الإسرائيليين، هو أننا نقاتل اليوم حتى لا نقاتل مرة أخرى، أما هم يقاتلون كي لا يبقى من يمكن أن يقاتلونه لاحقاً
المفارقة العجيبة أنهم يفعلون كل ذلك واثقين بأنهم سيفلتون من العقاب، طبعاً بتغطية وحماية تامة من قبل الولايات المتحدة، هذا هو الفرق.
#مرايا_الدولية