في حوار لصحيفة ” حجج وحقائق” الروسية.. رامي الشاعر: العالم العربي أقرب إلى روسيا،
ويثق بالاتحاد الروسي، وملك البحرين كممثل للقمة العربية يعتبر أن روسيا هي الدولة الرئيسية الأهم لدعم عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط.
التيار العربي المستقل
أجرت الصحفية الروسية إيلينا سمكو حواراً مطولاً لصحيفة” حجج وحقائق” الروسية مع الكاتب والدبلوماسي الفلسطيني رامي الشاعر، تطرق من خلالها إلى جملة من القضايا المتعلقة بالعالم العربي وعلاقته التاريخية مع الاتحاد الروسي، والتي توجت مؤخراً بزيارة رئيس القمة العربية في المنامة وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي صرح إن روسيا ستكون الدولة الأولى والأكثر تأثيراً لدعم مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، مثمناً الثقة التي أولتها جامعة الدول العربية بالدور الروسي التاريخي بدعم الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، والتي تأكدت بعد التصريحات الأخيرة للسيد ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية، الذي اعتبر الاتحاد الروسي وريثاً شرعياً للمواقف المبدئية للاتحاد السوفياتي بشأن القضية الفلسطينية، و أن روسيا اعترفت بدولة فلسطين منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.
لقد أصبحت العلاقات الودية التاريخية بين روسيا ودول الشرق الأوسط أكثر دفئاً، وهذا ما تؤكده أحداث شهر مايو من هذا العام، تأكد ذلك أكثر مع أداء الرياضيين الروس في البطولة الدولية للترويض تحت العلم الفلسطيني، وزيارة ملك البحرين إلى موسكو.
سألنا عالم السياسة والإعلامي والشخصية العامة رامي الشاعر عن مؤشرات ودلالات هذه الأحداث، وكيف يمكن أن تؤثر هذه المواقف على حل المشكلة الأكثر إلحاحًا المتمثلة في إيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطينيي وتداعيات ذلك على جميع القضايا. الشاعر في هذا الحوار يعبر عن رأيه الشخصي وكشاهد على الأحداث بناءً على بياناته الخاصة.
المحررة إيلينا سمكو:
رامي، ما أهمية زيارة العاهل البحريني لروسيا في 23 مايو؟
أولا وقبل كل شيء، أود أن أشير إلى أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، تولى مؤخرا رئاسة جامعة الدول العربية. وحقيقة أن جلالته قام بزيارته الأولى بمثل هذه المكانة الرفيعة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذه خطوة أظهرت أهمية الاتحاد الروسي بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط ككل. وهذا مؤشر على الدور الروسي الكبير والثقة بهم في العالم العربي. ومن خلال القيام بمثل هذه الزيارات، فإن رئيس الجامعة العربية يمثل فعليا قادة جميع الدول العربية.
ما الذي تحدث عنه زعيما الدولتين؟
نتيجة المحادثات تم التعاون في مجال التجارة والاقتصاد والمشاريع الاستثمارية المشتركة الكبرى ، تم التوقيع على حزمة من الوثائق الثنائية حول الشراكة في عدد من المجالات، بما في ذلك الرعاية الصحية والنقل. وعن رغبة البحرين في الانضمام إلى مجموعة البريكس والتحرك في هذا الاتجاه، وأيضاً تطوير العلاقات الثقافية. وبذلك تبادل القادة النوايا لإقامة أيام البحرين في روسيا عام 2024، و ستقام فعاليات “المواسم الروسية” في دولة البحرين – كجزيرة مميزة في الخليج العربي- عام 2025. وكانت المفاوضات ناجحة للغاية لدرجة أن حمد بن عيسى آل خليفة وصف هذا اليوم من حياته بالسعيد.
لكن الأهم هو أن قادة الدولة ناقشوا مبادرة ملك البحرين لعقد مؤتمر دولي للسلام حول التسوية الفلسطينية الإسرائيلية. وقد نوقشت هذه القضية بنشاط في القمة الثالثة والثلاثين لجامعة الدول العربية، التي عقدت في 16 مايو في العاصمة البحرينية المنامة، حيث شارك رؤساء جميع الدول الأعضاء في الجامعة. وسيطرت على أجواء القمة الدعوة إلى عقد مثل هذا المؤتمر برعاية الأمم المتحدة وإنهاء الحرب في غزة، وهو ما انعكس في إعلانها الختامي
ماهي دلالات التوجه إلى موسكو خصوصاً فيما يتعلق بدعم عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط؟
لقد أوضح ذلك ملك البحرين حين قال “إن روسيا ستكون الدولة الأولى التي سنتواصل معها لدعم هذا المؤتمر، لأن روسيا من أكثر الدول تؤثر على مستوى العالم، سيكون بمقدورها ذلك”. وهذا دليل على الثقة من قبل جامعة الدول العربية بالدور الروسي ودعم الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
للتاكيد مرة أخرى: ما هو مفتاح حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي؟
الحل في إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ضمن حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. وهذا هو موقفي المبدئي. هذا ما أكده مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، نائب وزير خارجية روسيا الاتحادية ميخائيل بوغدانوف، في مقابلته الأخيرة على قناة روسيا اليوم العربية. وأعرب عن تأييده الكامل لفكرة عقد مؤتمر دولي، وشدد على أن المفاوضات يجب أن تسعى إلى تحقيق هدف محدد: إنشاء دولة فلسطينية. وأعتقد أن القيادة الروسية ستبذل كل ما في وسعها لدعم فلسطين في هذا الشأن.
باعتبارك من أشد المعجبين بقفز الحواجز ورئيس الرابطة المسجلة رسميًا لرياضات الفروسية في روسيا، تحدثت في 31 مايو أن العداءة الروسية ألكسندرا ماكساكوفا حصلت على المركز الأول في بطولة الترويض الدولية في فرنسا وحصلت على الجائزة بينما كان النشيد الوطني الفلسطيني يُعزف . ما هذه القصة؟
لقد تم فرض عقوبات على روسيا في مجال الرياضة، وكذلك في الاقتصاد. بالنسبة لرياضات الفروسية، وجدوا طريقة شرعية للخروج من الوضع، حيث حصل 13 رياضيًا روسيًا على جوازات سفر فلسطينية (الجنسية الرياضية الفلسطينية) ويلعبون حاليًا تحت العلم الفلسطيني. إن رفع العلم وعزف النشيد الوطني لوطني فلسطين خلال حفل توزيع الجوائز في لومان له أهمية خاصة لأنه يذكر العالم بدولة فلسطين، مع الإشارة إلى أنه عندما تم تتويج الفارسة الفلسطينية بالمركز الأول كانت تقف إلى جانبها فارسة تمثل ” إسرائيل” وحصلت على المرتبة الثالثة، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن الرياضة هي العالم ، كما يدل على إمكانية أن ماتقوم به الرياضة يمكن أن تقوم به السياسة. لهذا أتمنى أن يأتي قريباً الوقت الذي نحقق فيه في السياسة ماحققته الرياضة، وهو السلام بين فلسطين وإسرائيل بشروط عادلة، وسيعزف النشيد الوطني الروسي مرة أخرى في جميع الأحداث الرياضية. هذه المشهدية الرياضية أراها تبعث رسائل وتؤسس للاعتراف لاحقاً بالدولة الفلسطينية المستقلة. ولهذا أنا معجب بروسيا، التي اتخذت مثل هذا القرار في مثل هذه الظروف الحالية.
كيف تقيمون فرض العقوبات على الرياضة؟
هذا أمر غير عادل للغاية، خاصة بالنسبة لرياضات الفروسية، حيث يقوم الرياضي بإعداد الحصان للمنافسات الدولية لمدة سبع أو ثماني سنوات، مع ملاحظة مهمة وهي أن عمر الحصان محدود بسنوات، وبالتالي تذهب جهود الفارس سدى بسبب العمر الافتراضي للحصان ، أي أن الفارس يبذل جهداً لتجهيز الحصان بمستوى المباريات والبطولات الدولية وهي سبع أو ثمان سنوات، ومن ثم يتم حرمانه من المشاركة. فعلى سبيل المثال في الأولمبياد وبعدها أي بعد أربع سنوات وحينما يأتي وقت المشاركة في الأولمبياد الذي يليه يكون الحصان خلال هذه الفترة قد خرج جسدياً عن المستوى المطلوب، بمعنى آخر فإن سنوات التحضير تمر سدى إذا تم حرمانه من البطولات الدولية، لهذا من الناحية الإنسانية – على أقل تقدير- لا ينبغي أن يتم تطبيق العقوبات على الرياضة وتسيسها، خصوصاً فيما يتعلق بهذا النوع من الرياضات، بل على العكس من ذلك يجب أن تكون الرياضة بمنأى عن سياسات الحكومات كونها نبض جماهيري إنساني، ولهذا يجب أن تكون الرياضة فوق شهوة الهيمنة أو الرغبة الدولية في تجذير الخلافات بقدر ما يكون دورها – أي الرياضة- مقدمة لتذليل الخلافات السياسية من أجل خلق عالم مستقر ومتوازن، وخالٍ من العنف والحرب. وأتمنى أن يأتي قريبا الوقت الذي تحقق فيه السياسة ما حققته الرياضة، وسيأتي هذا السلام بين فلسطين وإسرائيل بشروط عادلة، وسيعزف النشيد الوطني الروسي مرة أخرى في جميع الأحداث الرياضية.
لقد تحدث فلاديمير بوتين وحمد بن عيسى آل خليفة شخصيًا مرتين في عام 2016: في سوتشي وفي موسكو. وجرت مفاوضات أخرى بين زعيمي روسيا والبحرين في سوتشي في عام 2014. وكانت الزيارة الأولى للملك إلى روسيا قبل ست سنوات، حيث التقى ديمتري ميدفيديف، الذي كان يشغل منصب الرئيس في ذلك الوقت.
رامي الشاعر في سطور:
ولد عام 1955 في فلسطين. تلقى التعليم العسكري العالي في موسكو. وفي عام 1975 تم إرساله إلى روسيا كملحق عسكري. من 1983 إلى 1986 –
سفير فلسطين لدى الاتحاد السوفييتي، وكان يعتبر الممثل الشخصي لياسر عرفات.
في عام 1992، حصل على الجنسية الروسية، لكنه احتفظ أيضًا بالجنسية الفلسطينية. بموجب مرسوم من رئيس الاتحاد الروسي
حصل على وسام الصداقة، وفي مايو 2015 – وسام الشرف.
المصدر: حجج وحقائق” الأسبوعية العدد 24 11/06/2024
ترجمة: المكتب الإعلامي في التيار العربي المستقل.