سياسة

العلاقات الصينية_الأميركية بين التهدئة و التصعيد

غنوة السمرة|مرايا الدولية

غالباً ما توصف العلاقات بين الصين والولايات المتحدة الأميركية  بأنها العلاقة الأكثر أهمية في العالم، وأحياناً توصف بالعلاقة بين “الاثنين الكبار” أو(G-2) ، باعتبارها العامل المؤثر الرئيسي في النظام الدولي.

تمتد جذو هذه العلاقة (التي تشكلت على إيقاع تأسس جمهورية الصين الشعبية) إلى العام 1899 عندما دعت واشنطن حينها إلى نهج “الباب المفتوح” الذي يسمح لكل القوى الأجنبية بالوصول إلى الصين بدون امتيازات ومرت العلاقة بينهما بأطوار عدة فعرفت تحسنًا ملحوظًا بلغ ذروته عندما صدر “البيان المشترك حول إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وأميركا في السادس عشر من ديسمبر 1978 إن الصين والولايات المتحدة قد شهدتا علاقات دبلوماسية فعلية عام 1979 هو البيان الذي مهد لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين رسميا على مستوى السفراء في أول يناير عام 1979، وبمقتضاه أعلنت واشنطن قطع “علاقاتها الدبلوماسية” مع تايوان وسحبت قواتها من هذه الجزيرة التي تعتبرها الصين جزءا لا يتجزأ من ترابها الوطني، كما ألغت معاهدة الدفاع المشترك بينها وبين تايوان.
إلا أن ما تشهده علاقات بكين- واشنطن منذ مجيء إدارة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقات الصينية- الأمريكية، وهي العلاقات التي توُصَف بأنها معقدة ومتشابكة.

استقبل ترامب الرئيس الصيني شي جين بينغ في منتجعه الخاص مار آلاغو بولاية فلوريدا الأمريكية في أول قمة تجمع الزعيمين..
بدأ لقاء القمة الصيني- الأمريكي بعشاء مشترك، تبعته جلسة المحادثات الأولى بين شي وترامب، وفي اليوم التالي عقدت جلسة محادثات القمة الثانية

وصف الرئيس الصيني اجتماعه الأول مع الرئيس الأمريكي بأنه يحمل أهمية فريدة لتطوير العلاقات الصينية- الأمريكية. وقال إن الاجتماع ساعدهما على فهم بعضهما البعض بشكل أفضل وعزز ثقتهما المتبادلة، وإنهما توصلا إلى توافقات أساسية متعددة وأقاما علاقة عمل جيدة. وحول العلاقات العسكرية، أشار شي إلى أن الثقة المتبادلة في المجالات العسكرية والأمنية تشكل الأساس للثقة الاستراتيجية المتبادلة بين البلدين.

من جانبه، قال ترامب إن بلاده مستعدة لزيادة تعميق التعاون مع الصين في الاقتصاد والشؤون العسكرية والتبادلات الشعبية، ودعم جهود الصين في القبض على المجرمين الفارين واستعادة الأموال غير الشرعية، ونقل البيت الأبيض عن ترامب عقب الاجتماع مع شي قوله: “أعتقد أننا حققنا تقدما هائلا في علاقاتنا مع الصين”، واصفا العلاقة التي طورها مع الرئيس شي بأنها “رائعة”.

ورغم تفاؤل الرأي العام الصيني والعالمي بتلك التصريحات، أتت التداعات اللاحقة لتثبت أن التصريحات لم تكن أكثر من إبرة مورفين مؤقتة فبعد عام تقريباً من لقاء شي- ترامب، وتحديداً في إبريل 2018، نشرت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة ضمت ألفاً وثلاثمائة سلعة صينية، لفرض المزيد من الضرائب عليها، بزعم انتهاك الصين للحقوق الفكرية للمنتجات الأمريكية، لترد الصين بإعلان فرض رسوم بنسبة 25% على 106 أنواع من السلع الأمريكية وتطورت هذه التداعيات إلى أن وصلت إلى التصعيد الأخير تحديداً يوم الاثنين 13 مايو 2019، قالت وزارة المالية وسط مخاوف في الأسواق العالمية، إن الصين تعتزم فرض تعريفة على السلع الأمريكية بقيمة 60 مليار دولار، رداً على تصعيد الولايات المتحدة لحرب تجارية مريرة مع رفع التعريفة الجمركية على المنتجات الصينية بقيمة 200 مليار دولار

وكان قد حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الصين من الرد على زيادة الرسوم الجمركية التي فرضها على سلع صينية الأسبوع الماضي، وقال إن المستهلكين الأمريكيين لن يدفعوا مقابل أي زيادة في الرسوم الجمركية.
حيث كتب على تويتر: “قلت بصراحة للرئيس شي ولجميع أصدقائي الكثيرين في الصين إن الصين ستتضرر بشدة إذا لم تبرم اتفاقا لأن الشركات ستضطر لمغادرة الصين إلى دول أخرى”.

من جانبه صرح نائب رئيس الوزراء الصيني ليو خه، بأن بلاده سترد على أحدث زيادة في الرسوم الجمركية الأمريكية، مؤكداً أن خطوات واشنطن بهذا الصدد لا تساعد على حل قضايا التجارة الثنائية.
وقال ليو خه: “لدى الطرفين في الوقت الحاضر تفاهم مشترك حول العديد من القضايا، لكن بصراحة، هناك خلافات، ونعتقد أنها تتعلق بشكل أساسي بأهم القضايا الأساسية. كل دولة لديها قضايا أساسية مهمة، ونحن لا يمكننا تقديم تنازلات بهذا الصدد”.

السياسة الأمريكية السلبية تجاه الصين لم تتوقف عند العلاقات التجارية، بل تجاوزتها إلى ملفات سياسية مثل القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية وقضايا بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي وتايوان وغيرها، قبل أن تصل إلى ذروتها في كلمة الرئيس ترامب في افتتاح جلسة مجلس الأمن الدولي تزامناً مع اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للأمم المتحدة، والتي زعم فيها قائلاً: “للأسف وجدنا أن الصين تحاول التدخل في انتخابات 2018 المقبلة التي ستجري في نوفمبر ضد حكومتي”. بل وأضاف: “هم لا يريدون مني أو نحن أن نفوز؛ لأنني أول رئيس يتحدى الصين في التجارة.” وأضاف بغطرسة: “نحن نفوز في التجارة. نحن نفوز على كل المستويات. نحن لا نريدهم أن يتدخلوا في انتخاباتنا المقبلة”.
وقد ردت الصين، على لسان الناطق باسم الخارجية الصينية، قنغ شوانغ، على المزاعم الأمريكية بالقول إن بكين لا تتدخل في شؤون الدول الأخرى. وأضاف السيد قنغ: “المجتمع الدولي يعرف بوضوح ما هي الدولة الأكثر تدخلا في شؤون غيرها.” وحث الولايات المتحدة الأمريكية على الكف عن التصرفات التي تضر بالعلاقات بين البلدين.

 

في ظل توالي الخلافات والتحذيرات المتبادلة بين البلدين  حتى وصولها إلى التصعيد الأخير  يبقى السؤال ما مدى خطورة هذه الحرب التجارية الشرسة وهل ستهوي بتاريخ من الاتفاقات بين أكبر دولة نامية في العالم (الصين) وأكبر دولةمتقدمة (أميركا)؟ وفق الكتاب الأبيض الذي نشرته الصين حول علاقاتها مع أميركا

وهل سينتج عن هذا التصعيد إجراءات جدية تنعكس تأثيراتها على النظام الدولي ؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى