سياسة

صراع إيران والسعودية ومآله على الشرق الأوسط

مجلة مراياـ غنوة السمرة

شهدت العلاقات الإيرانية السعودية صراعات وتوترات منذ زمن طويل ،ولم يقتصر ذلك على قضايا تخص البلدين فقط إنما تجاوزتها إلى الإقليمية والدولية، أما في ظل تعقيدات المشهد الشرق أوسطي اختلف نمط العلاقات الذي ساد لعقود حيث برزت المواجهة الجيواستراتيجية بين الخصمين الإقليميين بشكل أكثر حدة ووضوح، مما انعكس مباشرة على المنطقة برمتها وأوجد أسباباً مفصلية جديدة للخلاف بين البلدين كان له تداعيات وتأثيرات مختلفة، فإذا استعرضنا المشهد نجد أن السعودية تجد صالحها في استمرار الحروب الناشبة وخاصة في سوريا والقرائن كثيرة ومنها إعلان مؤسس موقع “ويكيليكس” جوليان أسانج أن رسائل هيلاري كلينتون تكشف أن واشنطن كانت على علم بتمويل حكومتي السعودية وقطر لتنظيم “داعش” الإرهابي الذي ينتشر في سوريا، إضافة لاعتراضها على أي مشروع قرار أو اتفاق يمكن أن يصل إلى حل جدي يعيد الأمن إلى البلاد وينهي الحرب، أما عن اليمن الشاشات العربية والعالمية تتكلم يومياً عن الصواريخ التي تقصف بها اليمن من قبل السعودية والتحالف الأمريكي، والتي راح ضحيتها ألاف الشهداء بحسب إحصائيات موثوقة بذريعة انقاذ أهلها، وبالانتقال إلى لبنان باتت صدامات السعودية مع حزب الله ووصفه بالحزب الإرهابي متكررة معتبرة تدخله في الحرب السورية غير شرعي.

مما سبق نصل إلى نتيجة مفادها أن هدف السعودية الخفي والرئيسي هو مهاجمة محور المقاومة ومحاولة كسره أينما وجد نصرة لمصالح حليفتها أميركا في المنطقة وزيادة لسطوتها الاقتصادية والعسكرية على الوطن العربي بذريعة الحرب على الإرهاب، مما جعلها تواجه إيران وحلفائها بشكل مباشر باتهامات وردود شديدة اللهجة.

جبهات الصراع

حرب بالوكالة تستمر على أكثر من جبهة منها السياسة والاقتصاد والعسكر، برزت حرب الطاقة بعد توصل المجتمع الدولي إلى اتفاق مع إيران حول ملفها النووي حيث اعتبرت إيران أن السعودية عمدت خفض أسعار النفط في محاولة لمنعها من الاستفادة من عودتها إلى السوق الدولية.

أما عن الاقتصاد بعد تجاوز أميركا مأزق الطاقة بمخزون احتياطي ضخم وكذلك المضي قدماً في مشاريع النفط الصخري لم يعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب يجد ضرورة في استيراد النفط من السعودية ،لكن كان من الضروري إيجاد طريقة تدفع بها السعودية ضرائب حماية أميركا لها، لنجد السعودية وإبان أي توتر لها مع إيران توقع مع أميركا عقود تسليح واستثمارات مباشرة بمليارات الدولارات وبذلك تبقي إيران عدوة وفي سياق متصل يتزامن التوتر المذكور عادة مع استفراد أميركا في سياسة السعودية حيث تعمل جاهدة على طمس القضية الفلسطينة ساعية إلى جعلها قضية من الذاكرة وهذا ما تعجز عنه أميركا مع إيران.

وفي النتيجة نجد أن السعودية مصرة على استثمار أموالها بطريقة غير شرعية وتهدد الأمن والسلم العربي بدءاً من تسليح الإرهاب وتزويد الحروب العربية القائمة بالوقود اللازم لزيادة تأججها وضمان عدم انحسارها وانتهاءً بدفع فاتورة حماية أميركا لأمنها واستقرارها وإن كان ذلك على حساب سلم المنطقة برمتها، ويجدر السؤال هنا ماذا لو تحول الصراع بين السعودية وإيران إلى وفاق وعاد الاستقرار إلى تصدير النفط؟ ، ماذا لو استثمرت السعودية أموالها بما يعيد إعادة إعمار ما دمرته هل ستكون حليفتها راضية؟

أما عسكرياً كشفت إيران ما يخطط لزوال المحور المقاوم ضد الصهيونية وإضعاف حلفائها من الدول المستقلة وشعرت بخطورة الأمر وكان ذلك واضحاً في العديد من التصريحات الصادرة عن الجمهورية الإسلامية في إيران وأبرزها ما قاله المرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي خلال تشييع سبعة شهداء في إيران “لولم نردع الأشرار ودعاة الفتنة من عملاء أميركا والصهيونية في سوريا لكنا نصارعهم في طهران وأصفحان وفارس وخراسان ” فاختارت إيران التدخل للقضاء على الإرهاب وإفشال المخطط الصهيوأمريكي، بدءاً من سوريا فقدمت الدعم اللوجستي والتقني والمالي وتدريب الجيش السوري وإرسال بعض القوات المقاتلة الإيرانية لسوريا إضافة لتوجيه ضربات موجهة لبراثن الإرهاب المنتشرة فيها وكان ذلك في العراق أيضاً بطلب من حكومتي الدولتين وهذا ما أكده رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني الدكتور “علاء الدين بروجردي” في لقاء له مع مجلة مرايا الدولية “سياستنا ليست التدخل وحضورنا في سوريا و العراق بطلب من حكومتي هذين البلدين”  كما قدمت الدعم الإنساني في اليمن.

ختام

مرحلة المواجهات وتوتر العلاقات الإيرانية السعودية شرعت بالكشف عن مآلها قُلبت الطاولة والتغيرات في المشهد الشرق أوسطي أمست ب ينة بناء على ما يحدث على الأرض، نصر للعراق وصمود الشعب اليمني وسيطرته على بعض المناطق الحدودية مع السعودية، نصر دمشق وعودتها هي ومعظم الأراضي السورية إلى حاضنة الحكومة، ووضع الحرب لأوزارها بات قاب قوسين أو أدنى وفقاً لتصريحات عالية المستوى في سوريا وإيران، فشل المخطط الصهيوأميريكي وفشل حلفائه والحقيقة الآن انتصاراً لمحور المقاومة وتطلعاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى