الافتتاحیة

كتب فادي بودية : في يوم القدس العالمي … أين القدس عند العرب ؟- فلسطين قبلة سورية …وصلاة إيران – إيران : إصلاحيون ومحافظون ..كلهم خمينيون

رئيس تحرير مرايا الدولية – فادي بودية

لقد شكّلت دعوة روح الله الخميني ( رض ) تحديد آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك ( يوم القدس العالمي ) منطلقاً لتحريك الوعي العربي والإسلامي  والحثّ على النضال المستمر لاستعادة ( المسجد الاقصى ) والقدس والتخلّص من الكيان الصهيوني الذي ينفث سمومه وشروره في كل المنطقة .

ولقد استطاعت هذه الدعوة أن تخلق إمدادات طالت العالم الغربي حيث بدأنا نرى بعض المظاهرات في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وأميركا اللاتينية والعديد من الدول تندّد بالانتهاكات والجرائم الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بحيث أصبحت هذه القضية محور اهتمام عالمي وليس عربي – إسلامي .

كيف تعامل الكيان الصهيوني إزاء هذا الواقع ؟ وهل استطاعت الأمة العربية – الإسلامية مجتمعة بما تملك من أدوات ضغط وقوة وخاصة من ثروات طبيعية أن تحلّ هذه المعضلة الكونية ؟

إن الإجابة عن هذين السؤالين يفترض التفصيل والفصل لنستقرأ الأحداث والتخطيط والنتيجة :

أولاً : كيف تعاملت إسرائيل ؟

1-  لقد عمل الكيان الصهيوني على بثّ الرعب في قلوب السواد الأعظم من الدول العربية على المستوى العسكري والتكنولوجي ( الحرب النفسية ) ما جعلهم يشعرون بل يستسلمون للقدرة الإسرائيلية المتوهمة .

2- خلقوا من خلال اللوبيات الصهيونية وحشاً مجرماً بمسمى إسلامي ( داعش / النصرة ….) ينتمون إلى الطائفة السنية لإشعال فتيل الفتنة مع الشيعة بحيث تضيع بوصلة الصراع العربي – الإسرائيلي أو الصراع الإسلامي – الإسرائيلي ، وها هي الجماعات التكفيرية منذ العام 2011 وحتى اليوم تفتك بالمجتمعات العربية والإسلامية وخاصة سورية الجمهورية العربية التي حافظت على اتجاه بوصلتها في الصراع ، وقد احتضنت ودعمت كل فصائل المقاومة الفلسطينية وفي كل المحافل .

3- استطاعوا أن يصلوا مع غالبية الدول الخليجية والعربية والإسلامية سراً أو جهاراً إلى خطوط اتصال وتواصل ولاسيما قطر والإمارات والسعودية ومصر وتركيا وإلخ … فها هو وزير الحرب الإسرائيلي السابق ( موشيه يعلون ) يقول في الذكرى الخمسين لحرب الأيام الستة : ( لم يعد يوجد بعد الآن تحالف عربي ضدنا ، التطورات التي حدثت في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية  جعلت الصراع العربي الإسرائيلي هامشياً وتابع ،( نحن والعرب ، نفس العرب الذين نظموا تحالفا ضدنا في حرب الأيام الستة، نراهم اليوم شريكاً لنا في وجهة النظر ( .

4- خلق ( إيرانوفوبيا ) بحيث أصبحت إيران بنظر الكثير من الدول العربية والإسلامية هي الخطر الأكبر أما إسرائيل فهي دولة يمكن التصالح معها وبناء شراكة علنية بوجه إيران الفارسية الشيعية ، وقد أثبت مؤتمر الرياض مؤخراً حيث اجتمعت 56 دولة عربية واسلامية لإصدار بيان إدانة لإيران وحزب الله وحماس ، وأيضاً ( قطر ) اليوم تتعرّض لأكبر حملة مقاطعة وتأزيم بتهمة العلاقة مع إيران مما يعني أن إيران بالمفهوم الخليجي العربي الإسلامي هي عدوّ أما إسرائيل فهي صديق .

5- لقد استطاعت إسرائيل من خلال الدعم الأمريكي البريطاني المطلق أن تدوس قرارات الإدانة – في ما لو صدرت – من قبل مجلس الأمن بل في غالب الأحيان كان قرار مجلس الأمم المتحدة إدانة المقاومة الفلسطينية لأنها تدافع عن نفسها بحجة ( خرق السلام ) .

جيد ، لكن في المقابل أين أصبحت القضية الفلسطينية في أجندة العرب ؟

1- من البديهي القول أن القضية الفلسطينية لم تكن يوماً محط إجماع عربيّ إلا في المؤتمرات والمنابر والخطابات والقصائد الشعرية أما بالممارسات العملية فإنّ العرب باعوا فلسطين على طبق من فضّة عندما استسلمت مصر ( أنور السادات )، والسعودية والإمارات و…. وحدها سورية عربياً وإيران إسلامياً حافظتا على إخلاصهما لهذه القضية بالفعل والقول ، بالمال والموقف ، بالسلاح والكلمة ، سورية وإيران اليوم يدفعان ضريبة وفائهما لفلسطين … نعم سورية وإيران هما الأوفي لفلسطين.

2- غابت القضية الفلسطينية عن الوسائل الإعلامية السعودية والقطرية والإمارات حتى ظننا أن فلسطين شطبت عن الخارطة .

3- التهافت والتسابق من قبل بعض الدول العربية إلى وضع حزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة على لائحة الإرهاب … هل سمع أحد منّا يوماً أن الكيان الصهيوني بنظر هؤلاء هو إرهابي ؟!! ألم تكشف ويكليكس والعديد من التقارير الاستخباراتية الغربية حجم التآمر من قبل بعض الدول العربية وعلى رأسها السعودية مع الكيان الصهيوني ؟!

4- الرئيس الفلسطيني ( محمود عباس ) – صاحب القضية – الذي زار ( القدس ) متوسلاً و متحبباً لنتنياهو ؟ ألم يهرول مسرعاً لحضور جنازة ( شمعون بيريز ) معتبراً إياه ( رجل سلام ) !! فعلاً أنها مهزلة العرب ؟ ولماذا على إسرائيل أن تحترم حقوق الشعب الفلسطيني ؟

5- التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني : تركيا التي تحدت حصار غزة في 10 أيار من العام 2010 عندما أرسلت سفينتها ( مرمرة ) ، ها هي اليوم تقوم بتطبيع وفتح علاقات تجارية وكذلك السعودية والإمارات وقبلهما قطر ومصر .

ما هي أهمية يوم القدس هذا العام في ظل العاصمة الترامبية في الخليج والعاصفة الإرهابية في المنطقة ؟ ماذا قدّم محور المقاومة للقضية الفلسطينية ؟

استناداً إلى ما تم تفصيلها أعلاه يمكن القول أن يوم القدس هذا العام هو:

1- التأكيد أن هذه القضية لا يمكن للإدارة الأميركية والكيان الصهيوني شطبها من وجدان الأحرار في المجتمع العربي الإسلامي وحتى الدولي الغربي حتى لو تخاذلت كبرى الدول العربية والممالك والإمارات .

2- القضية الفلسطينية كانت وستبقى المحور الأساسي لكل هذا الصراع في المنطقة ، ومهما أصدروا من قرارات أو اشتروا قادات ورموز وذمم فإنّ في فلسطين رجالاً يقاتلون بالحجر ويهزمون دبابة … وهناك أمهات يلدن أطفالاً ليكونوا شهداء .

3- الأهم والمهم هنا ، لن يستطيعوا أن يحرفوا مسار الرؤية لدى القيادة السورية والشعب السوري تجاه القضية الفلسطينية حتى لو دمروا كل سورية … ستبقى سورية حافظ الأسد ، وسورية بشار حافظ الأسد ،وسورية حافظ بشار الأسد داعمة ومساندة وحاضنة ومدافعة عن كل حبة تراب فلسطيني .

4- إحياء يوم القدس هذا العام هو تأكيد على خط الإمام الخميني الثوري بوجه الظالمين ورداً على المحاولات الأخيرة الأمنية من خلال محاولة تفجير مرقد الإمام الخميني ، فجاء الرد الصاروخي الإيراني مدوياً وواضحاً ، فلا يراهن الخلجان الترامبيين على أي خرق داخل إيران : إصلاحيين أو محافظين فكلهم خمينيين .

5- إحياء يوم القدس هذا العام هو إعادة توجيه البوصلة للصراع الحقيقي بعد أن بدأ المشروع التكفيري بالأفول والانهزام .

6- تركت ( حزب الله ) لأختم أنه كسر هيبة الجيش الإسرائيلي في العام 2000 ودمّر دباباته وجنوده عام 2006 أما معركتنا القادمة فقد وعدنا ( سيد الوعد ) أنها ستكون في الجليل … ووعده الصدق .

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى