
لقد كان لإقرار قانون الحشد الشعبي في البرلمان العراقي والمصادقة عليه من قبل الحكومة الاثر البالغ في الاحتضان القانون والرسمي لهذه القوات التي قدمت أنهاراً من الدماء لتحيي أرض العراق وحضاراتها وثقافتها وبالتالي تشدّ أواصر المكونات العراقية…. رئيس البرلمان العراقي الدكتور «سليم الجبوري» في حوار خاص مع مجلة مرايا الدولية:
العراق أرض الحضارات والرسالات، يعيش في عاصفة إرهابية ومؤامرة دولية وإقليمية، وسط تجاذبات سياسية داخلية لا مثيل لها، بداية كيف توصفون واقع العراق السياسي في ظل محاربته للإرهاب بالتوازي مع ما يحصل مع دول الجوار مثل سورية؟
العراق في الفترة الأخيرة التي مضت اجتاحه خطر كبير تمثل بتغلغل المجاميع الإرهابية، وكلف ثمنه الكثير باحتلال مناطق وتهجير سكان، لكن على مدى السنتين استوعب العراقيون الدرس جيداً وأدركوا أن ما أصابهم بفعل عدم وحدتهم واستشراء الخلافات التي طغت عليهم بشكل واضح، أما التنوع الموجود في العراق هو عامل وحدة وليس تفرقة، ولابدّ من استثمار هذا الإطار ولا يمكن التفريط بأي مكون أو تركيبة سكانية في العراق، وعدم الشعور ان هذا البلد يحكمه لون او لهجة واحدة سواء مذهبية أو غيرها.
هل تعتقدون ان هذا التنوع هو المستهدف في العراق؟
واحدة من المسائل المهمة التي صب التركيز عليها أن هناك ضغطاً سُلّط على العراق في الفترة الماضية، والغاية منه إحداث نوع من المشاكل الداخلية والنزاعات التي أرادت تمزيق لحمته وبالتالي تعالي صيحات التقسيم والتفرقة.
تم اقرار قانون الحشد الشعبي في البرلمان وربطه مباشرة بالقائد العام للقوات المسلحة، ما هو الدور الذي لعبه الحشد الشعبي في استعادة المناطق التي احتلها داعش، وما مدى التنسيق بين الحشد والجيش؟
بداية، القانون نحن أول من أيدناه، لأنه يحصر حمل السلاح ضمن إطار القانون والدولة وبأمر من القائد العام للقوات المسلحة.
وهو اعتراف وإقرار بالجهود الكبيرة التي بذلت من قطاعات شعبية وليست رسمية، وسالت دماؤها على أراضٍ لا تقطنها، وما حملها على ذلك الرغبة الحقيقة بوحدة الأراضي وطرد الإرهاب من أراضي العراق، كمقاتلة أهل الجنوب إلى جانب إخوانهم في الموصل وديالا.
وبالتالي هذا الدور الكبير وفي اللحظة العصيبة كانت هذه الثقة غير منعقدة بالقوات الرسمية العراقية إلى أن تكاملت بشكل أكبر كما نلاحظ اليوم، وكان هناك مبادرة منقذة في وحدة الموقف العراقي لمواجهة الإرهاب.
إلى أي مدى شكلت فتوى المرجعية «الجهاد الكفائي» تناغماً طائفياً ومذهبياً في مكونات العراق بمحاربة الإرهاب؟
حقيقة المرجعيات الدينية وحتى مرجعية الإمام السستاني، كانت لا تتعامل مع الوقائع على أنها انحيازية لمذهب دون الآخر، إنما كانت تنظر للعراق وفق إطار المصلحة العامة، وفعلاً استغل الشعب العراقي هذه الدعوات لحمل السلاح شعبياً من قبل كل القطاعات في المجتمع بمختلف المكونات وتشهد على ذلك ساحات القتال.
ما هو حجم التعاون العراقي السوري على المستوى السياسي في مواجهة الإرهاب، ولماذا لا تعقد جلسات أممية ودولية مخصصة في محاربة الإرهاب في العراق كتلك التي حصلت في سورية؟
العلاقة مع الجمهورية العربية السورية كانت تنتابها تذبذبات على مضى السنوات الماضية، بحكم السياسات وما أصاب البلدين من استشراء في انتشار الإرهاب سواء داخلياً وخارجياً بشكل مفتعل، ونحن ندرك ونعلم أن البلدين يشكلان قطباً واحداً ومهماً في الساحة العربية واستمرارية وحدتهما وتعاونهما يمكن أن يحدث نقلة نوعية ليس فقط على مستوى إطار المنطقة انما إطار الوطن العربي بشكل عام وواضح.
وفي الآونة الأخيرة وبحكم المتغيرات الدولية التي حصلت كان هناك فتور في طبيعة العلاقة لكن وجدت نوعاً من التنسيق عندما وجدنا الإرهاب يستهدف الكل ولا يستبعد احداً، ولابدّ من التنسيق وهناك زيارات متبادلة ضمن الإطار الأمني والرسمي وبالنتيجة هناك تعاون أمني قائم.
وبالنسبة للجلسات أولاً وضع العراق ما اختل به حقيقة وجود الدولة هو من 2003 إلى اليوم، ومازالت الدولة محافظة على وجودها، وهو ما يختلف عن الصورة التي شهدتها سورية، بالتالي بقي العراق محافظاً على هذا الإطار، القناعة ممكن أن تزيد وتنقص الشكوى تعلو وتتخبط وبالنتيجة الدولة لازالت موجودة.
العراق أعلن مراراً على لسان وزير الخارجية الدكتور إبراهيم الجعفري استعداده لإرسال قوات إلى سورية لمحاربة الإرهاب؟ هل العراق بات مرتاحاً لدرجة أن يذهب لهناك؟
هذه الدعوة تحمل في طياتها نوايا حسنة في التعبير عن الرغبة ضمن إطار الواقع الذي نعيشه اليوم، نحن مشغولون داخلياً، لكن قطعاً وبعد الانتهاء من داعش وضمن إطار العمل المشترك والقرار الداخلي في هذا الجانب لا أعتقد أن هناك ضيراً من ذلك.
ألا تخشون أن يؤثر ذلك على تحالفكم مع قوى إقليمية ودولية تختلف موازينها في سورية؟
العراق صار تصفية حسابات و صار دخول لقوات أجنبية داخلية وتعالت الصيحات بضرورة المحافظة على سيادة العراق، ونحن حريصون على سيادة الدول ولا نريد أن نلجأ إلى تصرف يقدح بسيادتها ووحدتها كما حريصون على سيادتنا في هذا الإطار.
أين روسيا في العراق؟
حاولت أن تنسق علاقتها في السنتين الاخيرتين بشكل أكبر ليست فقط على العلاقات الرسمية والتنسيق الأمني وشكلت غرفة عمليات مشتركة في هذا الإطار وأعربوا عن استعدادهم لتقديم الدعم اللوجستي والتدريب والتسليح.
هل وافقتم؟
في بعض الجوانب الحكومة العراقية دخلت في تفاهمات مع الجانب الروسي.
هل يزعج ذلك الأمريكان؟
ويبقى حرص الحكومة العراقية على إحداث نوع من التنسيق لأن العراق محتفظ بعلاقة جيدة مع أمريكا باعتبارها تقود التحالف الدولي والظرف الذي نمر به نحن محتاجون للمساعدة ولكن لنا خصوصيتنا في التعامل.
كيف تثمنون دور إيران في مساندة العراق في حربها ضد الإرهاب، وأي آفاق للعلاقة تطمحون اليها مع إيران ولاسيما بعد زيارتكم إليها؟
من بين البلدان التي كان لها حضور في الساحة العراقية الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان هناك تفاهم واضح في مواجهة عدو التطرف والإرهاب بشكل واضح وأيضاً أكّدت في زيارتي للجمهورية تقدير كل الجهود التي بذلت في مساعدة العراق.
ونطمح إلى علاقات متواصلة وحسنة قائمة على أساس مصالح مشتركة وهناك مساحة كبيرة تحكمنا ضمن إطار الحدود والبعد الشعبي والهم الواحد الذي يتعلق بضرورة الحفاظ على الإنسان واحترام الدول.
ماذا سمعتم من إيران بخصوص هذا الأمر؟
حقيقة لديهم استعداد، ولكن الشيء الملفت من بعض القيادات الذين تحدثوا على أنهم مقبلون بمقدار طلب ورغبة الحكومة العراقية والجهات الرسمية على التعاون وبناء العلاقة والثقة المشتركة، وهذا ما يجعلنا حقيقة في طمأنينة من نوع العلاقة والاحترام المتبادل عبر القنوات الرسمية.
ما هو مستقبل الحشد الشعبي تشريعيا بعد اكتمال تحرير الأراضي العراقية من داعش؟
أولاً حمل السلاح خارج إطار الدولة يجب التفكير فيه بشكل جدي لأننا نخشى أن ينقلب السلاح أحياناً بسوء الاستخدام إذا لم يعد له مبرر لوجوده، مع التنويه أنه حينما حمل لحظة المواجهة كان له فضل كبير في تحرير أرض العراق عموماً، وعليه يجب أن نفكر في انصاف هؤلاء المقاتلين.
بعضهم ينخرط في مؤسسات الدولة والمدنية الرسمية المهم أن يأتمر بأمر القائد العام للقوات المسلحة ولديه هيئة حسب القانون وهي التي تنسق الأمور وهناك استعداد لهذا الجانب.
تركيا لازالت دولة غازية على حد تعبيركم، هل ستتم مواجهتها عسكرياً أم ملفها على طاولة المفاوضات؟
نأمل أن تصل تركيا إلى لحظة قرار بالانسحاب من العراق كما حصل في سورية، والتنسيق يمكن أن يحصل بهذا الجانب بشكل كافٍ، لا نأمل أن يكون هناك نوايا أبعد مما هو موجود الآن وإن كان وجودها يمثل حالة غير مقبولة دولياً بشكل واضح، لكن الذي نتمناه أن نصل إلى مرحلة سحب القوى التركية من الأرض العراقية.
ماذا تأملون من جامعة الدول العربية بعد أن وجدتم أنفسكم مطرين لوحدكم كعراقيين أن تواجهوا الإرهاب؟
نحن ضمن المنظومة العربية وحريصون على بنائها بشكل واضح، وحريصون اكثر على أن تعي الدول العربية وأن تنطلق في اتجاه مساعدتنا على الأقل في الجانب الإنساني للخروج من هذه الظروف.
عبر مجلة مرايا الدولية، ما هي رسالتكم إلى العراقيين في خضم هذه التجاذبات السياسية والحروب الداخلية؟
لا خيار لنا سوى وحدة الموقف والحفاظ على هذا البلد مستقراً وموحداً لأنه ما حصل هو بمثابة درس يجب أن يتم استيعابه بشكل جيد، وبالتالي عموم العراقيين مدركين هذه الحقيقة ونحن مستعدون لتعزيزها وترصينها
حاوره: رئيس التحرير