
#عفراء_المقداد
التراقص على مشاعر الذات إما كل شيء أو لاشيء..
فهونمط سلوك غير مستقر في منظومة المشاعر والمزاج لدى الإنسان ويحاول أن يتحكم ويسيطر عليها لكن ذلك بالتبعية يتسبّب في أعراض هذا المرض، وهو ما يُوجِّه المصابين بهذا الاضطراب لأفعال اندفاعية بطبعها مثل حدة الغضب والتوتر
ولكن يبقى الفارق الأكثر تأثيراً هو أن اضطرابات هذه الشخصية هي نمط للسلوك يظهر بشكل أساسي في العلاقات مع الآخرين.

لكن للأسف كونها تظهر بوضوح في العلاقات مع الآخرين يجعلها الأكثر عُرضة لوصم المريض،وهو واحد من أكثر الأمراض التي يعمل العلماء على فهمها حالياً، خاصة أنها تُصيب ما بين 1.5-6% من الناس بحسب اختلاف المجتمعات ،ومن هنا تعرف على اضطراب الشخصية في هذا التقرير:
اضطراب الشخصية الحدية (بالإنجليزية: Borderline Personality Disorder or BPD) هو مرض نفسي من أنواع اضطرابات الشخصية يتسم بصعوبة التحكم في العواطف والانفعالات، وتقلبات مزاجية، وكذلك مشاكل تتعلق بنظرة الشخص لنفسه، والسلوك الاندفاعي و تؤثر هذه السمات على حياة الشخص اليومية وعلاقاته الشخصية والاجتماعية، وتسبب شعوراً دائماً بعدم الاستقرار وانعدام الأمان.
وقدم اضطراب (Borderline Personality)نفسه، حيث حصل على هذه التسمية في تقرير كتبه أدولف شتيرن، متخصص التحليل النفسي الأميركي سنة 1938، قال فيه إن مجموعة من مرضاه يعانون من شكل خفيف من الفصام، فتصوّر أنهم على “الحد” الفاصل بين العصاب والذهان، ومن هنا نشأ الاصطلاح.

أسباب حدوث اضطراب الشخصية الحدية تعود لعدة عوامل منها:
– عوامل جينية: تزداد احتمالية الإصابة بالشخصية الحدية في حالة وجود تاريخ عائلي من الإصابة بها.
– عوامل بيئية: قد تزيد بعض العوامل البيئية من خطر الإصابة بالشخصية الحدية فيمن لديهم استعداد وراثي، ومن أمثلة هذه العوامل التعرض لصدمة نفسية أثناء مرحلة الطفولة.
– تغييرات في بنية ووظائف المخ: يمكن أن يرجع سبب الشخصية الحدية إلى حدوث تغيرات في بعض أجزاء المخ المسؤولة عن قدرة الفرد في التحكم في انفعالاته وتصرفاته.
وفي دراسة أجراها المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية بأمريكا حول مدى استقرار العلاقات الاجتماعية للنساء المشخصات باضطراب الشخصية الحدية، وتقييم السمات الرئيسة للعلاقات (الرضا، والدعم، والقرب، والصراع، والانتقاد) على مدى 6 أشهر، أظهرت النتائج أن النساء المشخصات باضطراب الشخصية الحدية يعانين من عدم استقرار أكبر بعلاقاتهن الاجتماعية مقارنة بمجموعة الأفراد الأصحاء.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن حالة اضطراب الشخصية الحدية ترتبط بمستوى كبير من الضيق الشخصي والاضطراب الاجتماعي؛ وعادة ما تظهر منذ الطفولة أو سن المراهقة، وتستمر طوال فترة
وصنف المعهد الوطني للصحة النفسية بأمريكا بعض الصفات الأخرى التي يتسم بها مرضى اضطراب الشخصية الحدية، وقد تشمل أعراض الشخصية الحدية:
• رؤية الأمور بشكل متطرف:
كأن يميل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية إلى رؤية كل شيء جيد أو كل شيء سيء.
• يمكن أن تتغير اهتماماتهم وقيمهم بسرعة، وقد يتصرفون بشكل متهور.
• الخوف من الهجر وفقدان العلاقات، والاندفاع في بناء العلاقات وإنهائها بالسرعة ذاتها.
• نمط من العلاقات غير المستقرة مع العائلة والأصدقاء والأحباء.
• صورة مشوهة وغير مستقرة عن الذات.
• سلوكيات اندفاعية وغالباً خطرة، مثل الإنفاق المالي الشديد، والقيادة غير الواعية، والشراهة في الأكل.
• أفكار انتحارية متكررة أو التهديد بها.
• تقلب المشاعر بشكل كبير وشديد.
• مشاكل في ضبط الشعور بالغضب أو السيطرة عليه.
وليس جميع الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية سيُصابون بهذه الأعراض جميعها.. وتعتمد شدة وتكرار ومدة الأعراض على الشخص ودرجة المرض.

ويفيد علاج الشخصية الحدية في تقليل حدة الأعراض، وزيادة القدرة على العمل، وتحسين نوعية الحياة، وتتضمن طرق العلاج ما يلي:
1- العلاج النفسي:
عادة ما تحتاج حالات اضطراب الشخصية الحدية علاجاً نفسياً طويل الأمد، ومن أهم العلاجات النفسية المستخدمة ما يلي:
• العلاج السلوكي الجدلي:
هو المعيار الذهبي للعلاج، ويهدف إلى تنمية الوعي وتعليم المصاب كيفية علاج اضطراب الشخصية الحدية ذاتياً من خلال التدريب على التحكم في العواطف، وتنمية مهارات التواصل، وكذلك تطوير أساليب للتعامل مع المواقف الصعبة.
• العلاج القائم على التعقل:
يساعد هذا العلاج الشخص على إدراك وفهم أفكاره، وكذلك التأني والتفكير قبل القيام بأي تصرف.
• العلاج الدوائي:
لا يوجد حتى الآن دواء لعلاج اضطراب الشخصية الحدية، ولكن قد يصف الأطباء بعض الأدوية لعلاج المشكلات المصاحبة لهذا الاضطراب.
– مضادات الاكتئاب.
– مضادات الذهان.
– مثبتات المزاج.
– الأوميغا 3.

كيف نتعامل مع الشخصية الحدية؟
1. استمع بفاعلية وكن متعاطفاً:
تجنب المشتتات مثل التلفزيون أو الكمبيوتر أو الهاتف الخليوي. حاول ألا تقاطع المحادثة أو تعيد توجيهها إلى اهتماماتك، لا تصدر أحكاماً وتجنب الانتقاد، وأظهر اهتمامك بما يقال بالإيماء من حين لآخر أو إبداء تعليقات شفهية بسيطة، لست مضطراً إلى الاتفاق مع ما يقوله الشخص ليكون من الواضح أنك تستمع وتعاطف.
2. التركيز على العواطف، وليس على الكلمات:
تتواصل مشاعر الشخص ذو الشخصية الحدية أكثر بكثير من الكلمات التي يستخدمها. يحتاج الأشخاص ذوي اضطراب الشخصية الحدية إلى التأكيد على صحة مشاعرهم وعدم إنكارالألم الذي يعانون منه.
3. حاول أن تجعل الشخص ذا الشخصية الحدية يشعر بأنه مسموع
لا تحاول الفوز بالجدال أو الإشارة إلى ما تشعر به أنه خاطئ، حتى عندما تكون متأكداً من ذلك.
4. ابذل قصارى جهدك للبقاء هادئاً:
حتى لو كان الشخص المصاب باضطراب الشخصية الحدية منفعلاً تجنب الدفاع عن نفسك في مواجهة الاتهامات والانتقادات، بغض النظر عن مدى شعورك بالظلم لأن ذلك سيؤدي إلى غضبه، وإذا شعرت بحاجتك لأن تهدأ أنصحك بالابتعاد.
5. عندما تنفعل عواطفه حاول تشتيته:
الإلهاء سيكون أكثر فاعلية إذا كان النشاط نفسه مهدئاً، كممارسة الرياضة أو احتساء الشاي الساخن أو الاستماع إلى الموسيقى أو الاعتناء بحيوان أليف أو الرسم أو البستنة.
6. تحدث عن أشياء أخرى غير الاضطراب
خصص وقتاً لاستكشاف ومناقشة اهتمامات أخرى. يمكن أن تساعد المناقشات حول الموضوعات الخفيفة على تحفيف حدة الصراع بينكما وقد تشجعه على اكتشاف اهتمامات جديدة أو استئناف الهوايات القديمة.
7. لا تتجاهل السلوكيات التدميرية والتهديدات الانتحارية:
إذا كنت تعتقد أن ذا الشخصية الحدية معرض لخطر الانتحار، فلا تترك الشخص بمفرده واطلب المساعدة.
8. وضع حدود صحية مع ذي الشخصية الحدية:
إحدى أكثر الطرق فعالية مع من يعاني من اضطراب الشخصية الحدية في السيطرة على سلوكه هي وضع حدود صحية وفرضها. تحديد الحدود يمكن أن يساعده على التعامل بشكل أفضل مع متطلبات العالم الخارجي، حيث القيود الصارمة في المدارس والعمل والأنظمة القانونية على سبيل المثال. إن إنشاء حدود في علاقتك يمكن أن يحل محل الفوضى وعدم الاستقرار ويزودك بمزيد من الخيارات حول كيفية التصرف عند مواجهة السلوك السلبي..عندما يحترم كلا الطرفين الحدود، ستكون قادراً على بناء شعور بالثقة والاحترام بينكما، وهي مكونات أساسية لأي علاقة ذات معنى.
وضع الحدود ليس حلاً سحرياً لعلاقة ما.. في الواقع، قد تسوء الأمور في البداية قبل أن تتحسن. ذو الشخصية الحدية يخشى الرفض ويكون حساساً لأي تغيير طفيف. هذا يعني أنه إذا لم تقم مطلقًا بتعيين حدود في علاقتك من قبل، فمن المحتمل أن يتفاعل الآخر بشكل سيء عند البدء. إذا تراجعت أمام غضبه أو سوء معاملته ، فسوف تعزز سلوكه السلبي وستستمر المشكلة. ولكن ، يمكن أن تلتزم الحزم والوقوف إلى جانب قراراتك.
9. دعم علاج اضطراب الشخصية الحدية:
يعد اضطراب الشخصية الحدية قابلاً للعلاج بدرجة عالية، إلا أنه من الشائع للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية تجنب العلاج أو إنكار وجود مشكلة لديهم. حتى إذا كان هذا هو الحال معك، فلا يزال بإمكانك تقديم الدعم وتحسين التواصل وتحديد الحدود مع الاستمرار في تشجيع صديقك أو أحد أفراد أسرتك على طلب المساعدة المهنية.
وفي الإطار العلاجي على المعالج أن يتحلى بالثبات المهني والتوازن الانفعالي ويحافظ على الحدود دون أن يهدد بالهجران أمام كافة الإغراءات والاعتداءات المتباينة التي تأتي من قبل الفرد ذي الشخصية الحدية، وأن يغتنم الفرصة المناسبة لمراجعة هذه التحديات في العلاقة مع المتعالج لمساعدته على الاستبصار في طبيعة شخصيته والحيل الدفاعية التي يستخدمها آملين أن يستفيد من ما يدركه من خلال العلاقة العلاجية لتصحيح العلاقات الأخرى التي ينشئها خارج الإطار العلاجي.
وفي ختام هذه النصائح يحضرني من الأثر الإسلامي قول: ”أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما و أبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما ” فهذه الوسطية وهذا التنظيم العاطفي هو الهدف المرجو من العلاج النفسي”.
#مرايا_الدولية