سياسة

“عشرة الفجر”.. ذكرى مواجهة الاستكبار وصمود الشعب الإيراني

 

أريج الحارس _مرايا الدولية

 

بعد 14 عاماً قضاها في المنفى، لف عمامته على رأسه، وتدثر بعبائته، وحط بطائرة فوق مطار طهران… 

3 ملايين شخصاً خرجوا لاستقباله، متغلبين على برودة الطقس بحرارة الشوق… 

قرعت أجراس المدارس والكنائس وأطلقت السفن الإيرانية والقطارات في البلاد صفاراتها لحظة وصوله في 1فبراير 1979.. 

اندفعت الجموع وانهمرت الدموع على الخدود واهتز المكان بالتكبير “الله أكبر”، وبتحية “السلام عليكم أيها الإمام الخميني”.

الإمام روح الله الخميني (قدس سره )، قائد الثورة الإسلامية ومفجرها الكبير من منفاه إلى أرض الوطن، ضد حكم الشاه الاستبدادي، حيث استمرّ الإمام روح الله في التواصل مع المعارضة داخل إيران التي كانت تواجه قمعاً شديداً حينئذ، عبر أشرطة تسجيل بها خطابات يدعو الناس فيها إلى الثبات والإستقامة ومواصلة النضال والثورة.

 

سيد روح الله الخميني(قده) في الطائرة

 

لحظة نزول الخميني من الطائرة في 1 فبراير عام 1979

حيث أكسبته كاريزمته وصدق سريرته في معارضة الشاه ثقلاً أكبر، فتكتّل خلفه الشباب الملتزمون وهم كُثر وأصبح صوتهم.

لقاء الإمام الخميني مع الشعب في عشرة الفجر

 

وأصر الإمام على العودة إلى إيران، مؤكداً ضرورة الإسراع في انضمامه إلى صفوف شعبه حتى سقوط نظام الشاه.

وعندما انتشر قرار عودته ظل هاجس الحفاظ على سلامته يشغل أذهان الشعب ورفاقه، لأن الحكومة التي فرضها الشاه كانت ما تزال تسيطر على المراكز الحساسة والمطارات في البلاد، وكانت الأحكام العرفية ما تزال سارية، إلا أن الإمام أبى إلا أن يتواجد بين صفوف الشعب الإيراني في هذه الظروف العصيبة.

سيد روح الله الخميني في طريقه لمقبرة جنة الزهراء

 

وعند وصول الإمام، انحنى أمام عظمة مشاعر شعبه الذي جاء لاستقباله ، وأفضى للناس في المطار بأن مشاعر الشعب الإيراني تثقل عاتقه وعاجز أن يجازيه، وتوجه الإمام إلى مقبرة جنة الزهراء، وألقى كلمة تاريخية ما تزال أصداؤها حاضرة في ذاكرة الشعب،وحينها دوت مقولته الشهيرة :سأشكل الحكومة! سأشكل الحكومة ! بمؤازرة الشعب.

ولم تمض أيام قلائل حتى أعلن الإمام عن تعيين رئيس الثورة المؤقتة في 5 فبراير 1979.

وفي 8 فبراير قامت عناصر القوة الجوية بزيارة الإمام الخميني في مقر إقامته في مدرسة علوي في طهران، وأعلنت ولاءها التام له، وفي هذه الأثناء كان الجيش الشاهنشاهي يوشك على الانهيار التام، حيث شهد حالات تمرد العديد من الجنود، وذلك امتثالاً مهماً لفتوى الإمام الخميني في ترك ثكناتهم والانضمام إلى صفوف الشعب.

وفي 9 فبراير انتفض الطيارون في أهم قاعدة جوية في طهران، فأرسلت قوة من الحرس الامبراطوري لمواجهتهم وقمعهم، فانضم الناس إلى صفوف الثوار لدعمهم ومساندتهم.

في 10 فبراير سقطت مراكز الشرطة والدوائر الحكومية الواحدة تلو الأخرى بيد الشعب، وهكذا تم دحر نظام الشام وأشرقت في 11 فبراير شمس الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني.

وسميت هذه الأيام العشرة ب “عشرة الفجر”، لأنها تعتبر بداية عصر جديد في تاريخ إيران، والتي بدأت بورود الإمام الخميني إلى إيران وانتهت بانتصار الثورة الإسلامية في إيران، لذلك في مطلع 1 فبراير يحتفل الشعب الإيراني وكافة أحرار العالم بذكرى فجر انتصار الثورة الإسلامية ” عشرة الفجر”، التي شكلت صفحة جديدة في تاريخ إيران، حيث تشهد إيران الإسلامية عشرة أيام من الاحتفالات والفعاليات الرسمية والشعبية التي تشكل فرصة لإعادة التأكيد على الإنجاز التاريخي الذي قام به الإمام الراحل.

وتشكل عشرة الفجر من كل عام استفتاءً حقيقياً لإرادة الشعب الذي ملأ الساحات عام1979 وحطم عرش الشاه بصرخات “الله أكبر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى