روسيالبنان

قماطي: سجّلنا موقفاً سياسياً متقدماً يوازي النصر

قماطي: عزّة المقاومة أنها حتى الآن لم تسمح للإسرائيلي أن يبقى محتلاً

مقابلة عضو المجلس السياسي ومسؤول العلاقات الوطنية في حزب الله الوزير السابق الحاج ‏محمود قماطي مع قناة روسيا اليوم: ‏

اليوم أنجز لبنان، بالرد الذي أعطاه على ما سُمّي بورقة توم برّاك، نموذجًا مهمًا في الوحدة الوطنية ‏والتمسّك ‏بالسيادة، وأيضًا التفاهم الذي حصل على الخطوط العريضة التي تمسّك بها حزب الله، ‏وقدّمناها للحكومة، وكانت هذه مرحلة جدًّا مهمة ومتقدّمة، بالتبنّي اللبناني الكامل بكافة النقاط ‏الواردة في ‏الرد، على التفاهم اللبناني الذي بدأ منذ فترة، وتضمّن توجّهات الدولة وتوجّهات ‏المقاومة، ومن ضمن ذلك طبعًا ‏توجّهات الجيش والشعب، أغلبية الشعب اللبناني.‏

هذه كانت نقطة مهمة جدًّا، دعت إلى كل الحملة الإعلامية التي سبقت مجيء توم برّاك، الحملة ‏الإعلامية من ‏مختلف الألوان، محلي وغير محلي، حتى لا نُسمّي أحدًا، الحملة التي كانت مقصودة ‏أن تقول: إما أن توافقوا ‏وتستسلموا، أو أن يأتي برّاك ويضع “مليئة” على رؤوسكم. هذا كله كان ‏‏”فوفاش”، يعني كلام فارغ، لا قيمة ‏له ولا حقيقة له.‏

الواقع أن الذي يكون على الأرض، والذي يمثّل الأرض، والذي يمثّل القوة، القوة المحقّة، هذا ‏يكون ‏في النهاية رأيه هو المحترم. وتبيّن أن الرسالة التي يمكن أن نطلقها اليوم، أن الكلام الذي حاول أن ‏‏يُصوّر أن حزب الله انتهى، وحزب الله هُزم، وعليه أن يستسلم، وعليه أن يفعل كذا، وأن يفعل كذا، ‏وأن دوره السياسي أصبح هامشياً، تبيّن اليوم، أن الدولة اللبنانية، والعالم العربي، والعالم، وأميركا، ‏والدنيا كلّها، بانتظار ما يقوله حزب الله، ورأي ‏حزب الله تجاه الطرح، بغضّ النظر، الكلّ ينتظر ‏رأي حزب الله. وكلام الرئيس برّي الذي سُرِّب عنه بعد ‏استقباله براك، كان واضحًا، أنه أخذ ‏برأي، أو تم التوقّف عند رأي حزب الله، حتى في الكلام مع الأميركي. هذا ‏تطوّر مهم جدًا ولكنه لا ‏يأخذنا إلى الاغترار، ولا إلى الاطمئنان، ولا إلى الاسترخاء.‏

نعم، نحن سجّلنا موقفًا سياسيًا متقدمًا يوازي النصر. هذه نقطة مهمة جدًا جدًا. كل المرحلة التي قيل ‏فيها إن ‏حزب الله هُزم… الآن ما حصل يُبيّن: لا، حزب الله ما زال رقمًا صعبًا ورئيسيًا في ‏التركيبة اللبنانية، وفي الوضع الإقليمي. ولذلك، هذا انتصار بحد ذاته.‏

يعني نحن اليوم، بعد الخلاصة العامة لما حصل بأن هذا انتصار لحزب الله بما يخص الساحة ‏الداخلية اللبنانية، ‏ووحدة الرد اللبناني، هذا انتصار بحد ذاته.‏

بما يخص التعليق الأميركي، أنت من الأساس، أول لقطة مهمّة جدًا بالنسبة لنا، أن اليوم الموفد ‏الأميركي يريد ‏أن يقول إن هذا شأن لبناني، موضوع حزب الله، موضوع السلاح، هذا شأن لبناني ‏‏– لبناني، وهذا ما كان ‏يقوله حزب الله، وهو ليس موضع خلاف لبناني. يعني اللبنانيون حين ‏يقولون: تعالوا نتحدث عن موضوع السلاح، نحن حاضرون أن نأتي ونتحاور حول ‏السلاح، ‏وحول الاستراتيجية الدفاعية.‏

أريد أن أقول: عندما كان حزب الله يردّ على التوجّهات التي كانت تحكى عن الأميركي، وعن ‏العرب، بأنه إما أن تستسلموا والمطلوب منكم كذا، وإما أن تأتي أميركا ‏لتفرض ما تريد، اليوم ‏يقولون: أنتم اللبنانيون ‏تقرّرون ما ترونه مناسبًا.‏

لكن قال أيضًا، يجب أن نقرأ بين السطور: المنطقة تسير بسرعة باتجاه المتغيّرات، وإذا أنتم لم ‏تنفتحوا ‏على هذه المتغيّرات، ولم تحلّوا هذه المسألة، فستكونون متأخّرين، ستكونون متأخرين عن ‏تطوّرات المنطقة. ‏هذه تحمل نوعًا من الإشارة التحذيرية.‏

ولكن نحن نقول: لا، بالعكس، اليوم، نعم، التوجّه الأميركي لم يتغيّر. اللغة الدبلوماسية لطيفة، ‏دبلوماسية لطيفة ‏تُخفي خلفها الكثير من الأمور التي يجب أن نترقّبها جيدًا.‏

أريد أن أقول إن أميركا لم تضمن الاتفاق. وهذه أيضًا خطوة كبيرة جدًا تضرب مصداقية دولة ‏‏كبيرة. دولة كبيرة، رعت اتفاقًا، وأبرمت اتفاقًا، ولم تنفّذ ما وعدت به. يعني رئيس أميركا ورئيس ‏فرنسا ‏ظهرا معًا ليُعلنوا عن الاتفاق ويرعوه، ثم يقول لك: “نحن لا علاقة لنا بهذا الاتفاق وأن ‏الآلية فشلت، يعني نعى الآلية، وفي الوقت نفسه رفع الضمان والرعاية.‏

يعني هو يقول لإسرائيل، أو يقول لنا وللمجتمع: فلتفعل إسرائيل ما تراه مناسبًا. يعني بمعنى: ‏أنتم لم ‏تمشوا وتأخذون هذا الرأي، فما تفعله إسرائيل نحن كأميركا لا علاقة لنا به.‏

عندما تقول أميركا ذلك، يعني بالخبث الأميركي، والنفاق الأميركي، والكذب الأميركي، والخداع ‏الأميركي، ‏الذي تعوّدنا عليه من ترامب ونزولًا، كل هذا الخداع الذي يفعلونه، وإنهم ” جالسون ‏جانبًا”، يكونون هم ‏عرابو العدوان، وهم في الوقت نفسه يريدون أن يطرحوا أنفسهم كحكم. هذا ‏الموضوع مخيف.‏

ولذلك، نحن مستعدون له. إما أن نسير في خط التوافق والتفاهم اللبناني – اللبناني ونحن ‏حاضرون ‏لكل شيء، أمّا المواجهة التي تُفرَض علينا، فنحن لن نبادر إلى أي مواجهة، أكرر: لن نبادر إلى أي ‏‏مواجهة، ولكن حين تُفرَض علينا المواجهة، سنخوضها.‏

نحن متمسّكون بتوافق الرؤساء الثلاثة على الرد. حين يكون ‏الرؤساء الثلاثة متوافقين، لا يعود لأي ‏جهة، لأي جهة لبنانية، مشاركة بالحكومة أو غير مشاركة بالحكومة، ‏أن تغيّر قرار الحكومة ‏المتوقع أن يكون منسجمًا تمامًا مع الرؤساء الثلاثة. وبالتالي، هو أمام خيار: إما أن ‏يقبل، وإما أن ‏يغادركما قال هو (في إشارة إلى جعجع).‏

في النهاية، نحن أمام وحدة وطنية رسمية. هناك جهات معترضة عليها، فليكن. أو معترضة على ‏الآلية، أنه ‏يجب أن تكون بآلية معينة، فليكن. فليكن بالآلية الدستورية ذات الصلاحية، فليكن، لا ‏مشكلة لدينا.

إن التوجه الذليل نحو السلام الذي يحاول الأميركي فرضه علينا في وقتٍ لا يزال العدو يحتلّ ‏أرضنا. هذا التوجّه ‏الذليل الذي يريد أن يفرضه أيضاً على المنطقة ككل. تصوّر الآن: سوريا، ‏تُحتلّ أجزاء كبيرة من ‏أراضيها من قبل العدو الإسرائيلي، ويُقال لها: يجب أن تُبرمي السلام مع ‏إسرائيل مع بقاء الاحتلال!‏

ما اسم هذا؟ هذا لا يُسمّى تطبيعًا ولا سلامًا، هذا اسمه، بشكل واضح، استسلام، استسلام وخضوع.‏

لا نعرف ما الذي سيقرّره السوري. وهذا تكرّر مع الكثير من العالم العربي.‏

عزّة المقاومة، وقوّة المقاومة في لبنان، أنها حتى الآن لم تسمح للإسرائيلي أن يبقى محتلاً لأرضها ‏طوال فترة ‏وجود هذا الكيان الغاصب.‏

المقاومة، سواء أكانت مقاومة وطنية لبنانية، أو كانت مقاومة فلسطينية، أو مقاومة وطنية لبنانية، ‏أو ‏أفواج مقاومة لبنانية “أمل”، أو كانت قوات “فجر” الإسلامية، أو كانت المقاومة الإسلامية – ‏حزب الله، كلّ ‏هذه المكونات المقاومة في لبنان، رفضت واستمرّت في الرفض، وقاومت وقدّمت ‏شهداء.‏

هذا الاتفاق الذليل في المنطقة نحن لا ننخرط فيه، ولا يمكن أن ننخرط فيه.‏

نحن نقول: لدينا أولويات يجب أن نحقّقها.‏ على رأسها موضوع تحرير الأرض، وتحرير الأسرى، ‏ووقف ‏الاستباحة، ووقف العدوان. هذه أولوياتنا. لا نتكلم بأي شيء آخر قبل تحققها.‏

هذه هي العزة، وهذه هي الكرامة، وهذه هي الوطنية، وهذه هي السيادة، وهذه التي تمسّك بها ‏الموقف الرسمي ‏اللبناني.‏

يقول لك توم برّاك إن المنطقة تسير بسرعة، هو برأيه تسير بسرعة ‏نحو ما تريده أمريكا.‏

نحن برأينا: أن محور المقاومة في المنطقة، ليس فقط نحن، بل على رأسه المقاومة ‏الفلسطينية ‏واليوم، نشهد أيضًا تطوّرات حول غزة والضفّة، ووقف إطلاق النار. أثبتت المقاومة – كما نقول ‏‏– أنها، ‏بالمقاومة والجهاد، استطاعت أن تفرض شروطها حتى الآن.‏

لذلك، ما أريده أن أقوله: لا، المنطقة التي ستسير بالتطبيع، ستسير بالاستسلام، هي حرّة، ولكن ‏نحن لدينا ‏موقفنا الذي نتمسّك به.‏ ولن ينفع مسار التطبيع، ولن ينفع مسار الاستسلام، لأن أمريكا ‏عوّدتنا أنها دائمًا تقدّم الترغيب، ‏ولكن في الحقيقة، كل هذا يكون كذبًا ونفاقًا، وتُخضع المنطقة ‏بالكامل لهيمنتها وسياستها.‏ ونحن لن نخضع للسياسة الأميركية التي خالفت كل القوانين الدولية، ‏ولم تحترم أيًّا منها، وداست على ‏مصداقيّتها. أمريكا داست على مصداقيّتها بأقدامها عندما فرّطت ‏بكل ما تعد به، وكذبت وخدعت ونافقت.‏ دولة بلا مصداقية، هي دولة مارقة، تدعم الظلم والقتل ‏والإبادة، دولة مارقة مهما كانت كبيرة، دولة مارقة وستسقط. ‏

مهما تحدثنا عن السياسة الأميركية، وخداعها، وكذبها، وإخلالها بوعودها، لن نستطيع توصيف ‏هذه الحالة بسبب عمقها لدى الأميركي.‏

لكن في الوقت نفسه، بلغة أخرى، نقول إنهم براغماتيون. الأميركي براغماتي، قلتُ هذا معك في ‏مناسبة ‏سابقة، إنه براغماتي، وخصوصًا بعد ترامب، لدرجة أنه يضع سقفًا عاليًا جدًّا للأهداف ‏التي يريدها، ثم ينزل إلى أدنى حد ممكن من هذه الأهداف شيئًا فشيئًا، ‏عندما يرى أن السقف العالي ‏غير ممكن ومستحيل. فهو ينزل إلى سقف أدنى، خطوةً بخطوة. هذه هي ‏البراغماتية.‏

في النهاية، تؤكّد أن من يكون قادرًا على المقاومة، والمواجهة، والصمود، هو الذي ينتصر، وليس ‏الأميركي. ‏الأميركي يتراجع لأنه براغماتي.‏

نحن اليوم، عندما أعلنا عن سقفنا العالي، الذي اعتبروه عاليًا، نحن نعتبره سقفًا وطنيًا. نحن أعلنا ‏سقفنا ‏الوطني، المتمسّك بالثوابت الوطنية، المتفق عليها مع الدول التي تحترم سيادة الشعوب.‏

عندما أعلنا هذا الموقف، قلنا أننا مستعدّون للمواجهة، تراجع الأميركي، وبدأ يتحدث بلغة ‏دبلوماسية.‏

وإن كان لم يغيّر، ولم يُبدِّل في سياسته العميقة، التي لا ينوي من خلالها الخير لنا – كي نكون ‏واضحين –.‏

لذلك، لا، هذه البراغماتية، في النهاية، هي التي حصلت في غزة، وفي الضفة، وفي إيران.‏

في إيران، عندما كانوا يريدون تغيير النظام، ونسف النظام، وضرب الطاقة النووية، وضرب ‏الصواريخ ‏الكلاسيكية، ثم لاحقًا قالوا: لا، سنتفاهم مع إيران، و”ما في مشكلة”، ونحن وإيران، ‏إيران شعب عظيم… غيّروا اللهجة ‏بالكامل.‏

يا أخي، هناك دولة عظيمة، تعتبر نفسها عظيمة، وتعتبر نفسها الأقوى في العالم، ولكن هذا ‏التناقض المذهل ‏في المواقف، هذا يُعدّ تهريجًا، في السياسة الدولية اسمه تهريج. هذا لا يُسمى دولة ‏عميقة، ذات سيادة قوية… إلخ.‏

حتى لا نُطيل في هذا البحث: لا،‏ المقاومة عندما تصمد، والشعوب عندما تصمد، القوى الدولية هي ‏التي تخضع، وليس الشعوب هي من تخضع.‏

‏- وحول رؤية حزب الله تجاه الإستراتيجية الدفاعية قال الحاج قماطي: بالحقيقة، هذه نقطة مهمة ‏جدًا جدًا جدًا، وهي ما لا نتداوله في الإعلام.‏

يعني، هذا موضوع، عندما طرح رئيس الجمهورية أنه سيقوم بحوار ثنائي، أولًا هو حوار وطني، ‏‏لكن فئة من اللبنانيين – كالقوات – رفضوا الحوار الوطني.‏

قال لهم: طيب، تنحوا جانباً، لا مشكلة، ليحصل حوار ثنائي. لا تريدون الحوار فلا تحاوروا، وهذا ‏كان موقفًا جيدًا. ‏فليكن حوارًا ثنائيًا بين رئيس الجمهورية وحزب الله.‏

ثم ذهب الكلام إلى أنه حوار مع رئيس الحكومة، أيضاً ليس لدينا مانع.‏

نحن، بالنسبة لنا، الحوار حول الاستراتيجية الوطنية، الاستراتيجية الدفاعية، نحن هنا أيضًا أريد أن ‏أقول نقطة مهمة جدًا جدًا جدًا، لأن هناك خلطًا كبيرًا بين ما يُسمّى بِحصرية السلاح، وبين ما ‏يُسمّى استراتيجية دفاعية، فهناك من يخلط بين الاثنين.‏

حصرية السلاح، أي أن يكون السلاح بيد الدولة، وبهذا المفهوم يريدون أن يشملوا سلاح المقاومة ‏أيضًا.‏

ولكنني أريد أن أؤكد على ما جاء في ذلك كلام سماحة الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام، الأمين ‏المؤتمن، أريد أن أؤكد على أن حصرية السلاح تعني الأمن ‏الداخلي اللبناني، وكل سلاح يتعلّق ‏بالأمن الداخلي اللبناني، وأرغب أن أقول كلمة بما فيه سلاح الأحزاب التي لا علاقة لها بالمقاومة، ‏ولا تقوم بعمل مقاوم، والذين الآن بدأوا يتنصلون: ليس لدينا سلاح، وليس لدينا خرطوشة واحدة ‏وليس لدينا..هذه تدخل ضمن حصرية السلاح، أو كل أنواع السلاح المتفلت.‏

أما المقاومة وأحزاب المقاومة – وليس فقط حزب المقاومة، بل أحزاب المقاومة التي لديها دور ‏مقاوم – ‏فهذه تتعلّق بالاستراتيجية الدفاعية.‏

نحن لدينا تصوّر واضح حول الاستراتيجية الدفاعية، فعندما نتحدث عن الدفاع عن الوطن، تأتي ‏قوى المقاومة ‏لتكون حاضرة، أما حصرية السلاح فالمقصود بها السلاح المتفلت.‏ ونحن مع ‏حصرية السلاح، ومع ضبط السلاح للأمن الداخلي اللبناني.‏

لذلك، فيما يتعلّق بالاستراتيجية الدفاعية، نعم، نحن جاهزون للحوار.‏

لكن أعتذر منك، نحن اتخذنا قرارًا بعدم التحدّث في الإعلام عن رؤيتنا حول الاستراتيجية ‏الدفاعية، حتى لا ‏نفشلها، وحتى لا “نُحرقها”.‏

لقد طُرحت بعض الأفكار من قبل رئيس الجمهورية حول الاستراتيجية الدفاعية، فقامت القيامة ‏عليه في أول فكرة وفي ثاني فكرة لبنانية قبل غيرها.‏

لذلك نحن نقول: عندما يبدأ الحوار، بعد تنفيذ الخطوط التي تحدّثنا عنها – تحرير الأرض، وتحرير ‏الأسرى، ‏وتنفيذ الاتفاق 1701 – بعد ذلك نكون مستعدّين للحوار، ونطرح رؤيتنا حول ‏الاستراتيجية الدفاعية.‏

وأُذكّر أخيرًا: سماحة السيّد الشهيد، السيّد حسن نصر الله، على طاولة الحوار الوطني، كان هو ‏شخصيًا ‏مشاركًا، وكل الجهات اللبنانية، قدّم رؤيتنا عن الاستراتيجية الدفاعية، وكان كلهم يَكتبون، ‏ولا أحد أعطى ‏جوابًا أو رأيًا حول الاستراتيجية الدفاعية.‏

نحن قدّمنا، ولم نسمع أي رأي حول ذلك.‏

ورداً على سؤال حول وجود تباين داخل صفوف حزب الله حول الموقف من ملفات حسّاسة، ‏أجاب الحاج قماطي:‏ هذا كلام عارٍ عن الصحة كليًّا.‏

نحن لا ننفي ولا نخفي: حزب الله تركيبته التنظيمية وتركيبته العقائدية، التي كان يلومني عليها ‏البعض، لكن ‏هذه التركيبة العقائدية هي صميم الأمان، وهي تركيبة عقائدية بتوجّهات وطنية، ‏وبتوجّهات سياسية وطنية.‏ والتركيبة العقائدية التي لديها برنامج وطني هي تركيبة قويّة جدًّا، لا ‏يمكن أن تتصدّع.‏

لا يوجد حزب لا توجد فيه آراء، من الطبيعي أن تكون هناك آراء تتفاعل، ولكن في النهاية تخرج ‏رؤية واحدة يلتزم ‏بها الجميع بكل قوة، ولا أحد يتخلّف على الإطلاق.‏

‏- ورداً على سؤال حول مدى تأثر حزب الله تنظيمياً من الحصار المالي الذي تفرضه الإدارة ‏الأميركية ومع وجود تعاون ‏من كل دول المنطقة حول هذا الموضوع، أجاب الحاج قماطي: أريد ‏أن أستبدل كلمة “تعاون” بـوجود “تواطؤ” علينا. ‏

هذا بالنسبة إلينا هو يسمى تواطؤ، يعني عندما كنا ندافع عن الأمن القومي العربي، حزب الله عندما ‏واجه على الحدود ومنع إسرائيل من أن تحتل ‏وتتقدّم وفشلت ‏وتراجعت وانسحبت، وما زالت ‏موجودة في الخمس نقاط وثم دخلت إلى سوريا، نحن أوقفنا ‏الزحف الإسرائيلي، الذي كان برعاية ‏‏أميركية، أوقفناه على الحدود، وحمينا لبنان وسيادة لبنان، وبرأينا حمينا ‏الأمن القومي العربي‎.‎

حتى إيران، عندما انتصرت، حمت الأمن القومي العربي‎.‎

ولا أُذيع سراً، أن العديد من الدول العربية والأنظمة العربية، رغم أنها أظهرت دعمًا سريًا، صحيح ‏أن هناك مواقف ‏معلنة بِإدانة ‏العدوان على إيران – أي إدانة العدوان من منطق دولي – إلا أن ما ‏جرى خلف الكواليس، لم يكن فقط ‏إدانة للعدوان، بل دعم مطلق ‏لإيران لكي تصمد وتنتصر‎.‎

لأنهم كانوا يرون أن هزيمة إيران وسقوط إيران هو سقوط للمنطقة بالكامل بيد إسرائيل‎.‎

حتى الدول المطبّعة، حتى الدول العربية المطبّعة، تتمنى وتُبدي سعادتها بانتصار إيران، أو على ‏الأقل ‏بصمودها، لأن صمود ‏إيران هو انتصار، وهو صمود للمنطقة بأسرها أمام الاجتياح ‏الإسرائيلي‎.‎

لذلك، لبنان، من المعيب للعالم العربي والعالم الإسلامي‎‏ أن هذه الجهة المقاومة، المقاومة الإسلامية ‏في لبنان، والمقاومة الوطنية في لبنان، لأنه كانت معنا أيضاً جهات مقاومة علمانية، أن الجهة ‏المقاومة في لبنان دافعت عن الأمن القومي العربي، دافعت عنكم يا عرب شئتم أم أبيتم، في ‏أعماقكم كنتم ترغبون أن لا تنتصر إسرائيل علينا، لأنها إن انتصرت ستصل إلى رقابكم، وإلى ‏رقاب ‏الأنظمة‎.‎‏ على الأقل، لا تساهموا في تطويقنا‎. ‎على الأقل، لا تخضعوا للقرار الأميركي بمنع ‏المساعدة للبنان‎.‎‏ على الأقل في الشأن الإنساني، إن حق الإعمار وإعادة الإعمار هو ليس شأناً لبنانياً ‏فقط، هو شأن ‏لبناني أكيد، ‏ومسؤولية الدولة أكيد، ومسؤوليتنا نحن كمقاومة أكيد‎، نحن لا نتهرّب ‏من مسؤوليتنا في إعادة الإعمار، لكنه في الوقت نفسه مسؤولية عربية‎. ‎

قدّمنا الدماء والشهداء لأجل السيادة اللبنانية، وهذا الدم سُفك لأجل الأمن القومي العربي، فأبسط ‏واجبات العرب ‏أن يقدّموا ‏المساعدة للبنان، وليس أن يتواطؤوا عليه‎.‎

لذلك في الموضوع المالي، هم يفعلون كل ما يمكنهم، كل ما يستطيعون فعله، لكي يخنقوا المقاومة، ‏ويخنقوا حزب ‏الله‎. ‎

والحمد لله، نحن لا نزال قادرين على أن نستمر، ولن أفصّل أكثر من ذلك‎.‎

‏* سؤال أخير: كيف ترى الأمور؟ إلى أين نحن ذاهبون؟ البعض متخوّف من تصعيد، البعض ‏يقول: لا، نحن ذاهبون إلى ‏سلام‎. ‎‏ لكن هناك خوف على المنطقة ‏

‏- فيجيب الحاج محمود قماطي: لا يوجد سلام، لا أحد يحلم‎، فيسأل المذيع:‏‎‏ على استقرار مؤقت، ‏فيجيب الحاج قماطي: نعم.‏

‏ ويتابع الحاج قماطي‏: أنا برأيي اليوم نحن ما نراه في المنطقة، نحن أمام واقع يجب أن ننتبه له‎. ‎

بالمختصر: هناك مشروع أميركي – إسرائيلي في المنطقة، يعمل ليل نهار،‎ ‎الذي تحدّثوا عنه باسم ‏‏”الشرق ‏الأوسط الجديد‎”‎، لم ‏يتورّعوا‎.‎

هذا المشروع انكسر‎، انكسر على صخرة إيران‎، فشل عندما تصدّت له إيران‎، قبل ذلك، كان ‏المشروع يتقدم، ولكن المشروع يقتضي الإستمرار بإبادة الشعب الفلسطيني، والاستمرار إما تهجيرً ‏وإما قتلاً‎.‎

دعونا ننتبه‎: ‎الجيش الإسرائيلي يقاتل منذ سنتين تقريبًا، ولم يفعل ذلك قبلاً،لديه رؤية استراتيجية ‏هذه المرة، ويقاتل لأجلها، ليس لأجل أمر آني أو مؤقت‎.‎

هذا مشروع هم مستمرون فيه، يعني: إبادة الشعب الفلسطيني، وتهجير الشعب الفلسطيني، وربما ‏احتلال جزء من لبنان، وربما تهجير المقاومين في لبنان، أولئك الذين على الحدود مع فلسطين،

تهجيرهم، وربما إبادتهم في المستقبل، أو تهجيرهم إلى مكان آخر‎.‎

كل هذا مشروع موجود‎.‎

لا تفكر أن هناك استقرارًا في المنطقة، ما دام هذا الكيان موجودًا، وما دام مشروعه قائمًا‎.‎

لا استقرار، ولا سلام، والسلام‎.‎

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى