لبنان

“ريما كرامي… إصلاحٌ بمكيال المصالح واستقواءٌ على المنتدبين الضعفاء”

شمص: هل هذا ما يُسمّى إصلاحاً؟

كتبت الصحافية عبير شمص

‏٦ تشرين الثاني ٢٠٢٥

‏في خطوةٍ وُصفت بـ«الإصلاحية»، أصدرت وزيرة التربية ريما كرامي قرارًا بإلغاء انتداب أكثر من ٤٠٠ معلّم، أي إعادتهم إلى ملاكهم الأساسي بعد أن أمضى معظمهم سنواتٍ طويلة في الثانويات أو في مهام إدارية أُوكلت إليهم لظروفٍ صحية أو لتقدّمهم في السن.

‏لكن، هل هذا ما يُسمّى إصلاحاً؟ أم انتقاماً إدارياً بوجه الحلقة الأضعف؟

‏الواقع أن هؤلاء المعلمين لم يسرقوا مواقعهم، بل خدموا التربية والتعليم لعقود، وحين داهمهم العمر والمرض، فُتح أمامهم باب الانتداب كحقّ طبيعي وإنساني، لا كامتيازٍ سياسي. واليوم، تأتي الوزيرة لتكافئ تعب السنين بحرمانٍ جديد، وكأنها وجدت في هؤلاء الكبار في السن متنفسًا لتُثبت أنها “إصلاحية” على حساب من لا سند لهم ولا ظهر.

‏أما عن الإصلاح الحقيقي، فلتبدأ كرامي من البؤر المحمية في وزارتها:

‏من جهاز الإرشاد والتوجيه الذي يضم أكثر من ٦٠٠ أستاذ ثانوي متهرّب من مهامه التعليمية، وهو جهاز لا وجود له أصلاً في الهيكلية الرسمية للوزارة، وصدر بحقه قرارٌ سابق لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي وللتفتيش المركزي طالب بإلغاء هذا الجهاز غير الشرعي، لكنّ الوزارة صمتت صمتَ القبور، لأن هذا الجهاز مرتبط بجهاتٍ حزبيةٍ نافذة تعبث بالوزارات كما تشاء.

‏وهنا لا بد من التذكير بأن الوزير السابق عباس الحلبي كان قد أصدر قرارًا واضحًا بضرورة إلزام هؤلاء الأساتذة في الإرشاد والتوجيه بتعليم عشر حصص أسبوعيًا، في محاولةٍ لتقليص الهدر وتحقيق بعض العدالة داخل القطاع، وقد وفّر ذلك القرار ملايين الدولارات المهدورة.

‏لكن الوزيرة ريما كرامي، بدل أن تبني عليه وتستكمل الإصلاح، ألغت قرار الحلبي وثبّتت واقع المخالفة، لتتحول بذلك من حامية للقانون إلى راعيةٍ للجهاز اللقيط الذي لا أساس له في أي هيكلية رسمية.

‏وليس هذا فحسب، فمكاتب الوزارة والمديريات الأربعة مكتظة بمئات الأساتذة والموظفين الملحقين دون وجه حق، بعضهم في مكتب الوزيرة نفسها، وآخرون في المناطق، وكلّهم فوق العدد المطلوب.

‏فلماذا لا يشملهم الإصلاح؟ أم أن “العيون” لا ترى إلا من لا ظهر له ولا سند سياسي؟

‏إن كانت ريما كرامي تريد أن تُثبت جديتها، فلتبدأ من حيث وجع الهدر، لا من حيث سهولة الاستهداف.

‏أما أن يُعاد المنتدبون إلى مدارسهم لفتح الطريق أمام مناقلات جديدة محسوبة على “حزب لنا” أو “كلنا إرادة” أو حتى “الدعم السريع” في جهاز الإرشاد والتوجيه اللاشرعي، فذلك لا يُسمّى إصلاحًا، بل تمهيدًا لتقاسم النفوذ التربوي وتمويل المشاريع الخارجية بواجهةٍ لبنانية.

‏هكذا، تُثبت الوزيرة كرامي أن الإصلاح في لبنان ليس مشروعاً إدارياً بل سلاحاً سياسياً يُستخدم ضدّ الضعفاء فقط، بينما الفاسدون الكبار يزدادون تمكينًا وحصانة.

‏فلتتذكّر الوزيرة أن العدل لا يُقاس بعدد التواقيع، بل بجرأة النظر في المرايا.

‏وحتى اللحظة، يبدو أن مرآة ريما كرامي لا تعكس سوى مصالح من يقف وراءها.

‏#مرايا_الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى