لبنان

ما إنّ يقف نمر المقاومة حتى تتلاشى أصوات النباح

هذه البيئة قد تصبر… لكنها لا تُهان

علي شفيق مرتضى

ورد في المبدأ السادس من ميثاق حركة أمل : … “أن الصهيونية تشكل الخطر الفعلي والمستقبلي على لبنان وعلى القيم التي نؤمن بها وعلى الإنسانية جمعاء وإنها ترى في لبنان بتعايش الطوائف فيه تحدياً دائماً لها ومنافساً قوياً لكيانها”.

من هنا نجد أن التعايش بين مكونات الشعب اللبناني هو تحديا دائما للصهيونية وإن الوحدة هي أقوى سلاح في مواجهة العدو الصهيوني ، وهذا ما أراد الرئيس نبيه بري التذكير به مؤخرا حين قال :

“مقتلنا في تفرّقنا واعطوني وحدة اللبنانيين وانتظروا مني خروج اسرائيل”.

يقابل كل هذا في المقلب الآخر من الشريك اللبناني ، التحريض الطائفي والتحامل على المقاومة ومساعدة أعدائها للإجهاز عليها ، ظنا منهم أنها تلّفظ أنفاسها الأخيرة.

أما بيئة المقاومة فقدرها أن تُطالَب بالصمت إلى ما لا نهاية تحت لافتة “الصبر والبصيرة”، فيما تُغدَق عليها الإهانات من كل اتجاه.

والسؤال الذي يفرض نفسه بصرامة: أين المصلحة في صمتٍ لم يعُد يُقرأ حكمة، بل يُفسَّر عند البعض وهناً لا وجود له إلا في خيالهم؟

لقد سقطت الأقنعة.

ما بات يُدعى “شركاء الوطن” لم يعودوا يوارون عداءهم خلف المجاملات.

صار حقدهم جهاراً، لغتهم تجاهر بما تخفيه صدورهم، وخطاباتهم الطائفية تُرفع كرايات انتخابية تُغذّي جمهورهم على كراهية الآخر.

ولم يعودوا يجدون ما يحرك جمهورهم سوى إهانة البيئة التي دفعت أثقل الأثمان لحماية هذا الوطن.

يتحدثون عن “العيش المشترك” وهم لا يعيشون إلا على تحقير الآخر، وعن “الوطنية” وهم يعتاشون على نخر أساسها.

ثم يطلبون من بيئة المقاومة أن تستقبل هذا السيل بابتسامة… وصبر… وبصيرة.

لكن الكرامة لا تُبنى على الصبر وحده،

والبصيرة لا تُستخدم لتبرير وقاحةٍ تزداد تغوّلاً كلما لمست صمتاً.

والأهم…

جرح النمر لا يدوم إلى الأبد. الشفاء كتابه، والوقوف قدره.

وما إن يقف هذا النمر ويستعيد هيبته،

حتى تتلاشى الأصوات الصغيرة من حوله من الكلاب التي اعتادت أن تنبح في دروب القوافل.

ففي حضرة الهيبة، لا تجد تلك الأصوات الجرأة على الظهور أصلاً.

أما هذه البيئة…

فهي لم تقدّم شعارات، بل قدّمت الأرواح.

لم تقدّم كلمات، بل قدّمت الحجر مع البشر.

قرى بكاملها سُوّيت بالأرض،

وبيوت بكاملها ارتقت أرواح أهلها إلى القدير المقتدر.

ومع ذلك:

لم تَهِن، لم تَلِن، ولم تُساوِم.

لم تمنّ على أحد،

ولم تطلب مقابلاً من أحد.

هذه البيئة نذرت تضحياتها لله،

وما زالت مستعدة لتحمّل المزيد إن استُدعي الموقف.

أفلا يتعلمون؟

أفلا يدركون أن هذه البيئة لا تعرف سوى حالتين لا ثالث لهما:

النصر… أو الشهادة.

وهما وحدهما الإجابتان اللتان حملتهما هذه البيئة عبر تاريخها،

واللتان ستواجه بهما كلّ التحديات مهما بلغت التضحيات.

الصبر قيمة ووصية السماء للخلائق ..

لكن متى يتحوّل إلى عباءة يتلطّى خلفها أهل الإساءة؟

والبصيرة فضيلة…

لكن متى تُصبح ذريعةً ليتمادى من احترف الإهانة؟

ويبقى السؤال الذي يعلو فوق الضجيج:

متى؟

متى تُقال الحقيقة كاملة؟

متى يتوقف الانحدار؟

ومتى يفهم هؤلاء أن هذه البيئة قد تصبر… لكنها لا تُهان؟

#مرايا_الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى