سياسة

هل حوَّل الخلاف القطري السعودي الميدان السوري لصالح الدولة السورية؟

تنعكس الأزمة الخليجية على مجمل الملفات لا سيما الأزمة السورية, وهو الأمر الذي يبدو واضحاً من خلال المواقف التي يطلقها المسؤولون القطريون، والتي صحيحٌ أنها لا تدل على تراجعٍ في الموقف تجاه الأزمة السورية بشكل جذري، لكنها تؤكد إمكانية إعادة النظر في مواضيع تخص الأزمة.

في حين يتبيَّن وبوضوح انعكاسات الخلاف القطري السعودي على الميدان السوري. فماذا في التصريحات القطرية الجديدة؟ وكيف يمكن مقاربتها فيما يخص الأزمة السورية؟

الأزمة السورية: بين روسيا وقطر قواسم مشتركة وتباينات

صرح وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بأن مسألة الدور المستقبلي للرئيس السوري بشار الأسد لن تكون نقطة خلاف بين الدوحة وموسكو، على الرغم من المواقف المختلفة بين البلدين، حيث تجد قطر أن الهدف المشترك في سوريا هو إنهاء التصعيد العسكري القائم هناك. وأشار الوزير في مقابلة أجراها مع صحيفة “فيدوموستي” الى أن الرئيس السوري بشار الأسد لن يقف بين روسيا وقطر، وأن الهدف المشترك في المستقبل القريب هو إنهاء التصعيد في سوريا. معتبراً أنه في سبيل حل النزاع السوري يجب أن تتعاون جميع الأطراف، لأن كلا من قطر وروسيا في حاجة إلى سوريا موحدة وليس إلى سوريا مقسمة، والأولوية المشتركة هي الإستقرار والأمن في المنطقة، على حد تعبيره. في الوقت نفسه، أشار الوزير القطري، الى أن هناك اختلافات مع روسيا في طرق تحقيق الإستقرار، وعلى وجه الخصوص، أن الدوحة لا تؤيد دخول الرئيس السوري بشار الأسد في  الانتخابات الرئاسية السورية، وبقاءه في السلطة في حال فوزه.

من جهته أشار وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” وفي وقتٍ سابق الى أن موسكو تعتبر دور قطر ودول الخليج الفارسي الأخرى في عملية التنسيق في محادثات أستانا دوراً مهما.  وهو ما دعمته قطر، وأيدت روسيا فيه قيام الشعب السوري بتقرير مصيره.

التحليل والدلالات

عدة مسائل يمن الخروج بها كدلالات نُشير لها فيما يلي:

أولاً: من الناحية المبدئية لا يبدو أن قطر ستُغير في موقفها الأساسي تجاه الأزمة السورية ولو ظرفياً، حيث أكدت تصريحات وزير الخارجية القطري أمس بقاء سقف التراجع ضمن العمل على تخفيف حدة الصراع مُعترفاً  بالخلافات بين قطر وروسيا حول سوريا لا سيما حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد.

ثانياً: لكن التحالفات الجديدة في المنطقة وإن استمرت في مساراتها الحالية، قد تُؤدي بقطر لإجراء تعديلات في تحالفاتها الإقليمية والدولية، مما سيُؤثر حتماً على سياستها الخارجية لا سيما تجاه الملف السوري. الأمر الذي يجعل  من أولى نتائج الخلاف الخليجي، التراجع في الموقف الخليجي الموحّد تجاه الملف السوري.

ثالثاً: إن قيام قطر ونتيجة لأزمتها بقطع الدعم المالي والعسكري عن الجماعات المسلحة المرتبطة بها، سيؤثِّر حتماً على نتائج الميدان السوري. وهو الأمرالذي بات يتعلق بمدى استمرار هذا التوتر. الذي سينعكس سلباً على كل المشاريع المناهضة للدولة السورية.

رابعاً: في ظل فقدان الحل القريب للأزمة الخليجية، ستُستنزف قطر بالأزمة، الأمر الذي سيجعل أحد أهم الأطراف الإقليميين المؤثرين على الساحة السورية لا سيما فيما يخص الجماعات التكفيرية، في حالة من الإنشغال وعدم  القدرة على الإهتمام بالقضايا الإقليمية. وهو ما جعل أصوات عديدة تتحدث عن حالة من التقهقر ستعيشها الجماعات في ظل الوضع الخليجي المتأزم.

خامساً: يُشكل الموقف التركي نقطة مهمة فيما يخص مسار السياسة القطرية المستقبلية. فقد أثبتت التجربة أن الخلفية المشتركة للطرفين القطري والتركي تجعل القواسم المشتركة بينهم أكبر من الخلافات. وهو ما سيؤدي الى  بقاء المسار المستقبلي تجاه الأزمة السورية ضمن هذ الموقف المشترك، إلا في حال حدث ما هو مُغاير لذلك. وهو ما يمكن أن يُعطي للطرف القطري قدرة على الثبات ضمن السياسة المتبعة.

إذن يبدو واضحاً أنه وعلى الرغم من عدم تغيير قطر لموقفها الجذري تجاه الأزمة السورية، فإن خلافها الخليجي مع السعودية أثَّر على المجموعات المسلحة في سوريا، وجعل الأمور في صالح الدولة السورية وحلفائها. وهنا باتت الأمور مرتبطة بمستقبل الأزمة الخليجية، لا سيما الموقف الأمريكي منها، وما يمكن أن تقوم به الأطراف ضمن المساحة المتاحة لكل طرف.

لنقول بالنتيجة، أن معادلات الميدان السوري باتت في صالح الجيش السوري وحلفائه. فعلى الرغم من أن قطر لم تغير سياستها تجاه الحلول المطروحة، فالأمور تبقى رهن التطورات المستقبلية في ظل مواقف غزلية تطلقها قطر تجاه كلٍ من روسيا وإيران. في حين يمكن القول وبوضوح أن الميدان السوري يبقى الأساس في صنع المعادلات وبالتالي تحديد موازين القوى. وهو ما يعني أنه وبغض النظر عن مجريات المستقبل، فإن العلاقة المشتركة بين الأزمة السعودية القطرية والميدان السوري باتت في صالح الدولة السورية، الأمر الذي ينعكس بنتائجه الإيجابية في المستقبل القريب ولن يكون من الضروري انتظار المستقبل البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى