مقابلات خاصة

رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية العراقية الدكتور نوري المالكي لمجلة مرايا الدولية: • المشروع السياسي الاستعماري هو تمزيق العراق لأنها بوابة المنطقة العربية • التوحد بين أبناء العراق هو السبيل الوحيد للخروج من أتون المؤمرات الدولية والإقليمية

هو السياسي المخضرم الذي قاوم وجاهد… عروبي إسلامي يؤمن بالسيادة والاستقلالية سبيلاً لتحصين وطنه «العراق»… هو العراقي الذي جمع بفكره وسياسته كل أبناء العراق بمختلف مكوناتهم الطائفية والمذهبية من أجل أن يبقى العراق منارة الحضارة العربية… رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق ونائب رئيس الجمهورية الدكتور نوري المالكي في حديث خاص لمجلة مرايا الدولية:

بداية ما هي نظرتكم لهذه الحرب الإرهابية التي تعصف في المنطقة، وما هي الأهداف التي تقف وراءها، أين أصبح مشروع الشرق الأوسط الجديد؟

أولاً الحرب الإرهابية هي نتيجة حتمية لعاملين أساسيين: العامل الطائفي والعامل السياسي. فالعامل الطائفي عادة يستخدمه ويتركز عليه العامل السياسي، حيث إن بريطانيا عندما تريد أن تضرب المنطقة تضربها طائفياً وكل الدول التي تريد أن تسيطر على المنطقة تحرك فيها الملف الطائفي، أما الملف السياسي الذي يرتكز على طائفية الإرهاب والتكفير والتطرف، فالمشروع السياسي هو الصراع حول المنطقة معروف إقليمي إقليمي، وإقليمي دولي، فالدولي أراد أن يستفيد ويدخل على خط المنطقة لإعادة ترتيب خريطتها من خلال الإرهاب صنيعة الملف الدولي والذي يتمثل بمشروع الشرق الأوسط الجديد «سايكس بيكو الجديد»، وهو إعادة ترتيب جديدة تصل أحياناً إلى عملية تقسيم كما هو مطروح في سورية والعراق، أي إعادة ترتيب الأوراق والسياسات المعتمدة وتشكيل شرق أوسطي جديد تكون إسرائيل جزءاً اقتصادياً منه.

ماذا يراد للعراق برأيكم بعد سقوط نظام صدام حسين؟

العراق دولة محورية في المنطقة لموقعها الجغرافي والسكاني وقدراتها المالية وتأثيرها السياسي في المنطقة، لذلك قالوا من يسيطر على العراق يسيطر على المنطقة لأنها بوابة تقف في وجه إيران ومؤججة لبعض دول الخليج، كان اسقاط النظام بالطريقة التي حصلت من الادارة الأمريكية بدون موافقة من مجلس الامن هي باتجاه فرض امر واقع على العراق، أي أن يكون العراق هو الولاية الواعدة الأمريكية ولتحريك الملفات المطلوب تحريكها للمنطقة هدر العراق، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، ما استطاعوا ترتيب نظام في العراق كما أرادوا، وحدث دستور وانتخابات ديمقراطية، وصعد تيار ليس هو المطلوب لديهم هو التيار الإسلامي وبالذات الشيعة وبدأوا يتعاملون مع هذا الملف بحكم المصالح والمفاسد التي يعتقدونها انها هل من المصلحة ان يكون العراق جزءاً من السياسة الأمريكية والبريطانية والأوربية والإقليمية أم لا، وما المطلب الاساسي من دخول العراق كبوابة خطيرة ومهمة والحرب التي أثاروها سابقاً في نظام صدام ضد إيران لإيقاف المحور الإيراني الإسلامي لأنه مؤهل بامتداده في المنطقة بحكم القدرة على التعامل مع هذه الملفات.

المخطط الإرهابي أراد تفكيك العراق كما تفضلتم وتقسيمه بالفتنة الطائفية والمذهبية، هل نجحوا في هذا المخطط، وكيف ساهم مشروع الحشد الشعبي في درء هذا الخطر؟

نجحوا إلى درجة كبيرة جداً، من خلال إثارة الفتنة حيث سحبوا من العراق القدرة على إعادة ترتيب أوراقه، والتحول إلى الدولة وفق سياقات ونظام دستور بعيداً عن سياسات الحزب الواحد والبعث واستطاعوا العمل على إبراز الوجه الطائفي أو أن الطائفيين استغلوا الفرصة والأجواء الديمقراطية أو القوى التي دخلت العراق هي التي اعطتهم مجالاً لمواجهة هذه القوى التي لا تنسجم معها كلياً لأنها قوة شيعية ومحسوبة على إيران، استفادوا من ذلك الإرهاب والطائفية بتدمير العراق، في حين أننا فقدنا جولات لأكثر من مرة من عام 2003 خضنا جولات صراع طائفية بلغت ذروتها في 2006 عند تفجير مرقد الإمامين العسكريين وصارت عملية جسر الأئمة والمساجد والحسينيات وقتل الناس على الهوية، سيطرنا عليها ثم جاءت القاعدة مرة اخرى وأعادت الحرب الأهلية.

كيف سيطرتم على ذلك؟

سيطرنا على الوضع بالقوة وتعاملنا تعاملاً واقعياً حيث ضربنا كل من يخرج عن القانون، ويحاسب بدون النظر إلى خلفيته فاستقر بذلك البلد.

هل هذا هو النموذج الذي يحتاجه العراق لدرء الفتنة الطائفية؟

نعم، تحتاج إلى حكومة قوية وعادلة ملتزمة بسياقات قانونية ودستورية.

كيف ساهم مشروع الحشد الشعبي مع فتوى المرجعية في تحرير الاراضي العراقية من الإرهاب الداعشي ودولتكم يلقب بأبو المجاهدين؟

الجيش رغم جهودنا في بنائه اثبت انه غير صالح لمواجهة حرب تلبس لباس الطائفية، أنحل الجيش والشرطة لأكثر من مرة، في زمن أمريكا سقطت الموصل بمؤامرة حيكت في أربيل وبحضور الأمريكان والأتراك والسنة المتطرفين والبعثين، فثبت أن الجيش غير قادر على مواجهة الحرب الطائفية، من هنا جاءت فكرة الحشد الشعبي وهي ليست بالجديدة منذ بدأت الحرب في سورية عام 2012 أي قبل وجود داعش، ذكرت للتحالف الوطني أنه ستأتي ريح طائفية سوداء من سورية سينحل بها الجيش العراقي، لان 40% سنة والمعركة طائفية ولن يقاتلوا إلى صفنا والحل بالتعبئة الجماهرية والذي سمي لاحقاً بالحشد الشعبي، وبينت اننا لن نستطيع حماية العراق ككل فينبغي أولاً ان نحمي العراق العميق كربلاء، بغداد، سامراء، ديالا ونقاتل في الانبار وصلاح الدين والموصل، ويضم الحشد فصائل ومتطوعين من الشعب العراقي حيث استطاع الحشد وقف هجومهم على بعض المناطق وانطلقنا فوراً لقتال داعش في المناطق المسيطرة عليها واستطعنا ايقافهم وتحرير بعض المناطق والهجمات.

اليوم الحشد الشعبي هو الحالة العظمى الميدانية الكبرى في العراق وأنتم اطلقتم هذا النداء، اليوم الدول تحارب هذا الحشد الشعبي وتريد حله، هل هو استهداف لشخصكم بداية، أم هو استهداف للعراق، كيف ترون مستقبل الحشد الشعبي في ظل هذه التسويات الإقليمية والدولية؟

مجموعة عوامل تجعلهم يقفون هذا الموقف السلبي من الحشد الشعبي فهم يعتقدون أن هذا الحشد بيد إيران وأنها هي الحاكمة القوية في العراق، ومنهم من يعتقد أنه قوة للشيعة ينبغي إضعافها، ومنهم يفكر أنه قوة للمالكي الذي هو جزء من المقاومة الإسلامية، فمجموعة عوامل جعلتهم يفكرون أن هذه القوى التي تبلورت فجأة بدون وجود معركة فالحل عندهم هو التخلص منها لأن ذلك سيفتح أمامهم الطريق للسيطرة على أغلب المناطق.

هل ستسمحون بذلك؟

نحن لن نسمح وما سمحنا لهم بذلك، من هنا كان تشديدنا على أن يكون قانون للحشد الشعبي وكيان كأي كيان لمكافحة الإرهاب وتشكل بأمر ديواني قابل أن يلغى بأمر ديواني آخر، وإصرارنا مع الإخوان في الحشد أن يكون له قانون وأن يبقى كيان يشبه كيان مكافحة الإرهاب له قانون وضوابط ونظام ولا يحق لأحد إلغاءه إلا بالقانون وبمجلس النواب.

لقد حذرتم من مخطط تقسيم العراق على اساس طائفي نسبة لمقال لكم بعد تحرير داعش، ما هي خلفيات هذا التحذير إذا زاد خطر الإرهاب الميداني، وما هي رؤيتكم لمواجهة مؤتمر أنقرة؟

الخطر الإرهابي نتيجة دخان لنار، وإذا أزلنا الدخان بقيت النار، النار الداخلية صراع عربي إيراني وصراع محور سني عربي تركي مع محور شيعي فارسي إيراني، هذه هي النار التي تحت الرماد وقضية انتهاء الإرهاب أكثر من مرة أنهينا الإرهاب وفككنا الحصار عن بغداد لكنه عاد مرة أخرى والدليل نحن على أبواب إنهاء داعش عسكرياً انعقد مؤتمر في تركيا وسينعقد مؤتمر آخر وجاءت دول خمسة وتظافرت جهودها من أجل مشروع سني صريح وهذا يعني تخندق السنة وسيتخندق الشيعة، لذلك إنهاء الإرهاب لا ينهي الأزمة الحقيقية الداخلية، فبرأيهم العراق مطلوب منه أن ينسحب من إيران ويدخل المنظومة العربية، فالمعركة ليست وجود إرهابيين بالموصل، المعركة هي معركة وجود مستقبل ومصير العراق هل سيكون عربي أم مع المنظومة العربية الأمريكية أم سيكون إيراني مع المحور الإيراني الشيعي.

كيف ستتصدون لمؤتمر أنقرة؟

نحن نتصدى لهم من خلال الإخوة السنة أنفسهم الذين حضروا أو المدعوين، فإن استطاعوا أن يسحبوا هذا المشروع باتجاه المشاريع الوطنية التي اتفقنا عليها سيكون جيداً وخرجت من دائرة التحقيق الخارجي والتآمر، وإذا ما استطاعوا نحن اتفقنا أن ينسحبوا من هذا المشروع لأنه سيعيدنا إلى نقطة الصفر.

الدكتور نوري المالكي تاريخ عريق في العراق إلى إيران إلى سورية، ما هي رايتكم السياسية لمستقبل المنطقة في ظل تعاظم الصراع الإيراني السعودي – الأمريكي والروس، وكيف يمكن للعراق أن ينجو من نيران هذه الصراعات في ظل الأزمة السياسية الداخلية؟

أعتقد أن المسافة بيننا وبين الاستقرار وعلى أي صيغة ستستقر لاتزال مسافة طويلة مادامت اسرائيل موجودة ومادام الصراع الإسلامي العربي الاسرائيلي موجوداً، وما دام الصراع والتنافس الشرقي الغربي الروسي الأمريكي إلى المنطقة الأكثر سخونة في العالم، ولاسيما أن البعض يرى أن الحل هو تقسيم المنطقة والذي يتجلى بالمشروع الصهيوني الذي يريد إضعاف الأمة وتمزيق هذه الدول، الأمر طويل ويحتاج إلى وقت طويل، وسيشتد الصراع لأن الاطراف المتداخلة في الصراع قوية وليست ضعيفة، والمحذور حين تنتهي الأمور إلى الحرب أنها ستجر إلى حرب كونية مادام الروس مصرين على البقاء في المنطقة وهذا ما سيستفزّ الولايات المتحدة الأميركية.

العلاقة العراقية السورية في مكافحة الإرهاب، كيف تثمّنون هذه العلاقة وأنتم تتشاركون في معارككم مع الإرهاب مع بعض الفوارق أن روسيا ليست موجودة عندكم؟

إن العراق وسورية مترابطان ربطاً تاريخياً محتملاً ما يحدث في سورية يحدث في العراق، لابدّ من حتمية التعاون على مكافحة الإرهاب السوري العراقي في مواجهة التحديات والتقسيم في العراق ويجب أن يتكاملا لأنه ضروري على قاعدة دفع الضرر وجلب المنفعة بتفاهمنا والضرر بخلافنا، وباختلافنا مع سورية قبل سنوات تسلل الإرهاب عبر سورية إلينا.

في حين إن روسيا ضعفت بعد الاتحاد السوفييتي وصار الاتجاه الأمريكي هو إخراج روسيا من كل المنطقة، لكن روسيا استعادت جزءاً من قوتها وهي لا تمتلك وجوداً الا في سورية وكان لها امتداد وخرق حصل في العراق بشرائي للأسلحة منهم وأردت أن تكون روسيا وأمريكا موجودة في العراق لكن الأمريكان استفزتهم هذه الخطوة والروس حازمين على التواجد والعراق لا يمنع التعاون مع روسيا.

عبر مجلة مرايا لبنان الدولية ماهي رسالتكم إلى العراقيين؟

التوحد على الأساس الدولة والدستور وعلى أساس المواطنة مع الاحتفاظ باحترام الهويات والانتماء لأنه بدون التوحد وغلق منافذ التدخل الخارجي سيمزق العراق، لذلك علينا فتح آفاق التعاون والصداقات وأن تكون كل دولة لها امتداد في مكون من مكوناتها وعلاقاتها مع دول المنطقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى