الافتتاحیة

كتب الأستاذ فادي بوديه : حروب السياسة وصفقات الدولار – قطر تدفع كفّارة عتق رقبتها

 

رئيس تحرير مرايا الدولية – فادي بوديه

بين السياسة والاقتصاد حكايات وحروب ومصالحات كان ( الدولار ) الحكم الفصل في ميدانها .

أمريكا تبحث دوماً في حروبها السياسية عن مصالحها الاقتصادية بل في أغلب الأحيان تفتعل هذه الحروب لتعقد أعلى الصفقات الاقتصادية ، والسعودية كانت دائماً ( حقل تجربة ) أمريكا مع تقلّب رؤسائها فهي مرة حليف ( في عهد أوباما ) حيث عقدت صفقة أسلحة تاريخية آنذاك بقيمة 90 مليار دولار من أجل تحضيرها لحروب مستقبلية ، وهي أيضاً ( البقرة الحلوب ) ( في عهد ترامب ) حيث درّت 550 مليار دولار عدا عن مراسم العار والاستسلام والذل العربي الخليجي ومظاهر الاستقواء الأمريكي أو الاستسلام لأمريكا مقابل تلميع الصورة المشوهة للسعودية وتتويجها ( ملكة ) على العالم العربي والاسلامي ( بالتاج ) الإسرائيلي .

ولو أردنا سوق الأمثلة لما أنهينا تاريخ العمالة والخنوع الوهن لهذه المملكة منذ تأسيسها وحتى زوالها القريب .

كيف بنت السعودية علاقتها مع ( الاشقاء ) العرب ولاسيما في الخليج ؟

لطالما كانت علاقة السعودية مع الدول العربية مبنية على قاعدة ( الاستعلاء ) وضرورة إخضاع كل ( الاشقاء ) لسطوتها وقرارتها .. ولنا في التاريخ أسوة حسنة ،  فعندما تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة في ديسمبر 1971، لم تضيع المملكة العربية السعودية سوى القليل من الوقت في التحرك لاحتوائها حيث منعت الرياض محاولات أبوظبي لضم قطر والبحرين في الدولة الاتحادية التي تم تشكيلها حديثا.

وبعد ثلاث سنوات اضطر المسؤولون الإماراتيون مرة أخرى إلى الانحناء للضغط السعودي والتوقيع على معاهدة جدة، التي تنازلت عن مطالبة أبو ظبي ببحر خور العديد الذي يربط الإمارات العربية المتحدة بدولة قطر، مقابل اعتراف الرياض باستقلال الإمارات.

وعندما بحثت الإمارات العربية المتحدة فكرة عام 2004 لبناء جسر يربط أبو ظبي بالدوحة دون عبور الأراضي السعودية ، اعترضت الرياض غاضبة على المشروع.

وكذلك ( مصر ) التي عانت العلاقة بينهما الامرين ولا حاجة للعودة إلى زمن القائد ( جمال عبد الناصر )  بل يكفي أن نعود قليلا إلى الوراء عندما ثار ( الرئيس السيسي ) منتقداً الأسلوب السعودي في التعاطي مع مصر واتخذ جملة قرارات ومواقف كان من أهمها ( وقوفه إلى جانب الجيش السوري والنظام ) .

إذاً ، هذا هو النهج السعودي مع ” أشقائه ” العرب والمسلمين ، وهو معاكس تماماً مع الدول الغربية ولاسيما الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا إذ توارث عن أسلافه ( فنّ الانحناء ) ودفع ( الجزية ) بسخاء حتى يكسب رضى ( الكبار ) ولا ضير إذا سخر هؤلاء الكبار من أمتنا العربية ( ومن السعودية تحديداً ) أو أهانوا أو زجّوا بهم في حروب بالوكالة عن ( شقيقتهم ) إسرائيل ، كما حصل في اليمن وسورية ومصر وليبيا والعراق وتونس وإلخ …

ما هي حقيقة الحرب على قطر ؟

إنها حرب بسيفين : السيف الاول هو إخضاع ( قطر ) ولملمتها تحت العباءة السعودية بقراراتها السياسية وولاءاتها مع أن ( قطر ) من أكثر الدول الخليجية ولاء وتماهياً علنياً مع الكيان الصهيوني وهي تضم 5 قواعد عسكرية أميركية أكبرها قاعدة ( العديد ) التي يبلغ حجم كلفتها مليار و100 مليون دولار ( قطر تدفع المليار وأميركا تدفع الـ 100 مليون ) ، السيف الثاني هو إجبار قطر على دفع الجزية الأميركية من خلال خلق هذه الأزمة ومحاصرتها وقد نجح التاجر الأميركي ترامب أن يستدرّ من قطر 21.1 مليار دولار ( حبذا العودة إلى مقالي في بداية الأزمة الخليجية بعنوان (حرب الإرهاب على الإرهاب  ) وتشمل 72 طائرة ، وقالت شركة بوينغ المنتجة لها ( انها صفقة مهمة جدا للحفاظ على خط انتاج هذا النوع من الطائرات، وخلق 60 الف فرصة عمل في 42 ولاية أمريكية ).

التغريدات التي أطلقها الرئيس ترامب قبل عقد الصفقة قال فيها ( إن قطر لها تاريخ حافل بدعم الإرهاب على أعلى المستويات ويجب أن تعاقب )، او أخرى أكد فيها ( إن عزلة قطر هي بداية النهاية للإرهاب ) ، هذه التغريدات تلاشت كليا ، وحلّت مكانها أخرى تشيد بدولة قطر كحليف قوي للولايات المتحدة، وتشدد على أن صفقة الطائرات هذه خطوة كبيرة نحو ( تعزيز) التعاون الاستراتيجي والأمني بين البلدين . وليس أدلّ على  الصفقة الأميركية أنه فور توقيع وزير الدفاع الأميركي مع نظيره القطري صدرت الأوامر لسفينتين حربيتين أمريكيتين بالتوجه إلى ميناء حمد جنوب الدوحة في إشارة تؤكد أن أمريكا لن تتخلى عن دولة قطر.

إلى هذا الحدّ وصل الغباء والهوان والإستسلام العربي ؟ !!!

أنظروا إلى مسرحية السعودية والإمارات ومصر حول الإتهامات لقطر بتعاملها مع إيران لنكتشف فعلاً أن الحروب السياسية مقابل صفقات الدولار :

1- الإمارات العربية المتحدة : تتنازع مع إيران حول ثلاث جزر : جزيرة طنب الكبرى ، جزيرة طنب الصغرى ، وجزيرة أبو موسى .

أما في الشأن الاقتصادي فقد وصل حجم التبادل التجاري بينهما عام 2011 إلى 23 مليار دولار وفي العام 2016 بلغ 16 مليار دولار ، وهذا ما يجعل إيران رابع شريك اقتصادي للإمارات ، ويجعل الأخيرة ثاني شريك اقتصادي لإيران حيث تستحوذ الإمارات على 90 % من حجم تجارة إيران مع دول الخليج .

2- قطر فهي تشارك إيران  في أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم ، وقد وقعت معها اتفاقية إنشاء منطقة اقتصادية حرة في إيران .

3- الكويت : وقعت عام 2015 ست اتفاقيات اقتصادية مع إيران .

4- سلطنة عمان : بلغ حجم التبادل التجاري مع إيران عام 2016 مليار دولار .

فمن يكون أكثر علاقة مع إيران التي يصنفونها إرهابية قطر أو الإمارات ؟ ولماذا حرام على قطر ما هو حلال على غيرها ؟ أليسوا ( أشقاء ) ؟!!

إنّ هذه الأرقام وغيرها الكثير من الحلقات التي سنكشفها تباعاً توضح للقارئ الناقد أنّ الحروب السياسية لا تقف عائقاً أمام الصفقات الاقتصادية بل إن الحروب السياسية هي المفتاح لكبرى الصفقات الاقتصادية في العالم بالنسبة لأمريكا وبريطانيا وفرنسا ، وللمستسلمين أمثال بعض دول الخليج

( اللهم بارك في شامنا ويمننا ) … غداً تبدأ فصول مسرحية السلطان العثماني (  أردوغان ) …

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى