علي رفعت مهدي / أديب وشاعر
فاعتبِرُوا …
مِمّا قرأتُهُ في مسيرةِ عمري الأدبيّة قصيدة ” كفِّنوه” التي نظمها الشاعر المهجري نسيب عريضه في المهجر الأمريكي عام 1917 واصفاً خنوعَ شعبهِ واستسلامَه لمآسيه ولجلّاده الذي علّقَ مشانقَ شهداءِ السادس من ايار في بيروت ؛ حين لمَ يرَ ثائراً يخرجُ على الطّغاةِ شاهِراً سيفَ الدِّفاع عن حقوقِهِ المسلوبة والمغصوبة ؛ وللأسف ؛ ما نزالُ خانعين مستسلمين لواقعِنا المزري بعد مئةٍ وأربعةٍ من السنين العِجاف ؛ وما نزال ” شعباً ميِّتاً ليس يفيقُ ” من سُباتِ طغاتِهِ وناهبيه الذين أوصلوه إلى الدّركِ الأسفل من جهنم ؛ ويبدو أننا سنبقى ” حطباً ” وقوداً لنيرانِ الظّلم ؛ وخشباً لا حياة فيه :
كفّنوهُ … وادفنوهُ …
أسكنوهُ …
هوَّةَ اللحدِ العميقْ
واذهبوا … لا تندُبوهُ
فهو شعْبٌ ميّتٌ ليسَ يُفيق
ذلَّلوهُ …
قتَّلوهُ …
حمَّلوهُ
فوقَ ما كان يُطيقْ
حملَ الذّلَّ بصبرٍ من دهورٍ
فهو في الذّلِّ عَريقْ
هتكُ عرضٍ
نهبُ أرضٍ
شنقُ بعضٍ
لم تُحرِّك غَضَبَه
فلماذا نَذرِفُ الدَّمعَ جُزافًاً
#ليسَ_تَحيا_الحطَبهْ
لا وربّي
ما لشَعبِ دونَ قلبِ ..
غير موتٍ من هِبة
فدعوا التاريخ يَطوي سِفرَ ضُعفٍ
ويُصَفّي كُتُبَه
ولنُتاجِر في المَهاجرْ ولنُفاخِرْ
بَمَزايانا الحِسان
ما علينا ان قضى الشعبُ جميعاً
أفَلَسنا في أمانْ
رُب ثارٍ .. رُبَّ عارٍ .. رُبَّ نارٍ
حرّكت قلبَ الجَبَانْ
كلُّها فينا .. ولكنْ لم تحرِّك
ساكِناً إلّا اللِسانْ …
تُرى هل كان يكتبُ عن حالِنا الآن وبعد مئةٍ وأربع سنوات على مأساتِه التي لا تزالُ مستمرّةً خنوعًا وذلًّا وأنانيَّةً وتغنِّياً بمزايانا اللبنانية في عالم المهجر والغربة … وفي أقوالنا الكثيرة التي يصحُّ فينا فيها قول الله تعالى:” لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (*) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ” …
ولا نزالُ يا ربَّنا العظيم …
نقولُ ما لا نفعل …لا نفكِّرُ إلّا بأنانياتِنا وذواتِنا ومذهبياتِنا نحارِبُ بألسِنَتِنا … نختَرِعُ البطولاتِ [ الواتسابيّة والفايسبوكيّة والتويتريّة والتيكتوكيّة ] … وهلمَّ جرَّا من منظومةِ الوسائل الهمروجيّة …التي لا تُسمِنُ ولا تغني من جوع … ولا تردُّ حقًّا ولا تستردّوا أمانةً…
وسيبقى لِسانُ طغاتِنا :
ما علينا إنْ قضى شعبُنا كُلُّه ؟؟ … أفلسنا وأولادنا وحاشيتنا في أمانٍ ومأمنٍ عن الجوع والفقر والمرض والموت …!!!
#مرايا_الدولية