أكثر من 23 مليون ناخب من أصل 43 مليون مواطن جزائري سيتوجهون في 18 نيسان المقبل لانتخاب رئيس جديد للجزائر لمدة 5 اعوام يخلف الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة (82 عاما) الذي حكم البلاد منذ العام 1999 لأربع ولايات متتالية، وهو حتى الآن لم يعلن نيته الترشح لولاية خامسة، رغم أن أنصاره يروجون لذلك. وكان بوتفليقة قد أصيب بجلطة دماغية عام 2013، اقعدته على كرسي متحرك.
والمعروف ان دولة المليون شهيد كانت من أولى الدول العربية التي واجهت الهجمات الإرهابية للمنظمات المتطرفة كالقاعدة وغيرها، واستطاع الجيش خنق هذه الحملات الممولة من الخارج وتمكن بوتفليقة الملقب بعميد رؤساء الجزائر منذ الاستقلال باستيعاب هذه الفتنة واخمادها في مهدها قبل ان تمتد وتحرق البلاد، لما له من خبرة وحنكة وعلاقات تاريخية والاهم نفوذه القوي داخل الجيش الجزائري الذي كان له الدور الرئيسي في التغلب على المؤامرة.
الحملة الانتخابية بدأت ومن الأسماء البارزة رئيس الوزراء الحالي أحمد أويحيى، وهو أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي (ثاني أكبر أحزاب البلاد)، الذي يطمح لخلافة بوتفليقة. كما هناك نية لدى رئيس الحكومة السابق مولود حمروش (74 عاما) بالترشح أيضا ويصفه أنصاره بأنه مهندس مرحلة “الانفتاح” السياسي. ويبرز اسم وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي عمل في هيئات كبرى مثل البنك الدولي وهو يملك علاقات وثيقة بالولايات المتحدة الأميركية. وكان خليل المثير للجدل قد تورط في قضايا فساد لوحق على إثرها حتى ان البعض يصفه بالبديل الخطير ويعتبرون وصوله “إعلان حرب ضد الشعب”. إضافة الى هذه الأسماء هناك مجموعة من المعارضين الذين يستعدون لإعلان ترشحهم ولكن حالة الشقاق التي يعيشونها وعدم اتفاقهم على مرشح واحد تجعل من فرص وصولهم الى سدة الحكم امرا مستحيلا.
الأهم في كل ما تقدم ان تجري الانتخابات في أجواء ديمقراطية هادئة وان تحترم فيها إرادة الشعب من دون أي تدخل خارجي، مع العلم ان من حرك المتطرفين الإسلاميين في السابق ما زال ينتظر الفرصة السانحة للتعويض عما لحق بالإرهابيين ومشاريعهم حتى الان في العراق وسوريا، او على الأقل لاستكمال هذه المشاريع وإيجاد بؤر جديدة لها ونقل الإرهابيين وإعادة تدويرهم في مناطق جديدة. فهل سيقوم الغرب بقيادة البيت الأبيض بتفعيل سيناريو “الثورات المخملية” المعروف والمجرب والقاضي برفض وصول أي رئيس غير مرغوب به أميركيا الى السلطة في الجزائر وتنشيط ما يسمى زورا بجمعيات حقوق الانسان والجمعيات غير الحكومية الممولة من بعض الدوائر المعروفة والتي بدأت بالتحرك والتدرب على مثل هذه السيناريوهات للنزول الى الشارع واثارة القلاقل والتحريض واللجوء الى العنف كما حصل في دولنا العربية مع “الربيع العربي” وفي أوكرانيا وكما يحصل في فنزويلا الآن؟
الأشهر القليلة المقبلة ستظهر قدرات المؤسسة العسكرية الجزائرية التي تتمتع بتجربة كبيرة في مواجهة أساليب زعزعة الاستقرار، والتي يمكنها وحدها ان تكون طرفًا فاعلًا في صيانة الدستور وضمان عمل المؤسسات والانتقال السلس والهادئ للسلطة.
د. إسكندر كفوري